“لعنة أفغانستان”
يتقاذف المسؤولون الأمريكيون في الحزبين الجمهوري والديمقراطي المسؤولية عن الذل الذي لحق ببلادهم بسبب الانسحاب الفوضوي من أفغانستان والخسائر التي راكموها هناك على مدى ٢٠ عاماً.
ومنذ بدء عملية الانسحاب العسكري، تحولت أفغانستان إلى مادة دسمة للسجال بين الفريقين اللذين تعمقت الأزمة بينهما لدرجة وصلت حد القطيعة ببعض جوانبها مصحوبة بحروب علنية وأخرى خفية تدور رحاها في الغرف المظلمة.
أخفقت كل محاولات الرئيس جو بايدن لتبرير قرار إدارته الانسحاب من أفغانستان أمام الخصوم وأتت جلسة الاستماع لوزير الخارجية أنتوني بلينكن أمام الكونغرس لتزيد من توتر الأجواء رغم استماتته في الدفاع عن بايدن.
ووسط الانتقادات ومحاصرته بالأسئلة حاول بلينكن رمي الاتهامات في ملعب الجمهوريين عبر تحميلهم مسؤولية الوضع المتدهور والخسائر الأخيرة في الميدان الأفغاني بالقول: إن الإدارة الحالية ورثت اتفاقاً تام الأركان من إدارة دونالد ترامب وأن بايدن وجد نفسه أمام إكمال الاتفاق النهائي أو الاستمرار بالحرب وإيقاع قواته بالموت المحتم لكون حركة طالبان هددت بمهاجمة القوات الأميركية بحال عدم الالتزام بموعد الانسحاب.
وأضاف بلينكن: طالبان أوضحت بشدة أننا إذا تجاوزنا هذا الموعد النهائي فسوف تستأنف هجماتها.
ما يحاول بايدن وإدارته إثباته أن ترامب ومن خلفه أعضاء الحزب الجمهوري يتحملون المسؤولية كاملة عن الاتفاق وتطبيقه مع حركة طالبان، بينما يصر الجمهوريون على أن بايدن لم يستمع لتقارير الخبراء العسكريين الذين حذروا من الانسحاب المباغت.
إدارة بايدن مصرة على ما يبدو على تحميل ترامب مسؤولية التركة المرهقة التي خلفها في أفغانستان وتريد أيضاً أن تتوسع جلسات الاستماع لتشمل السنوات العشرين الفائتة أي منذ بدء غزو واشنطن لأفغانستان، وبالتالي إن تحقق هذا المطلب يعني أن إدارات جمهورية وديمقراطية سابقة ستخضع للاستجواب أيضاً.
ما يحدث في واشنطن ليس فقط هزائم متتالية في سياسات داخلية وخارجية وانقسامات حزبية وحروب لم تحقق أدنى الخطط المرسومة لها, بل أيضاً فضح المزيد عن العقلية التي يدار بها البيت الأبيض وكيف تتلطخ سمعة واشنطن يومياً بالهزائم والفشل في مناطق كثيرة حول العالم.