تخاذل دولي فاضح
دخلت محافظة الحسكة شهرها الرابع من دون مياه، والمجتمع الدولي لا يزال يقف متفرجاً أمام جريمة حرب يرتكبها النظام التركي المحتل بحق أكثر من مليون مواطن في الحسكة، يقوم بتعطيشهم كورقة ابتزاز يستخدمها رجب أردوغان بطريقة غير إنسانية وكعقاب للأهالي على مواقفهم الداعمة لدولتهم والرافضة للاحتلال.
على أبواب الحسكة العطشى الصامدة بوجه الممارسات الأردوغانية العدوانية وهمجية المرتزقة الإرهابيين، تسقط كل المواثيق الدولية الإنسانية، وينكشف الغطاء عن تخاذل المجتمع الدولي، والدور السلبي للمنظمات الدولية والإنسانية التي لم تقم بدورها المنوط بها، بل اكتفت بالصمت المخزي ومراقبة أبناء المحافظة يعانون الويلات وهم يسعون وراء الماء، وكأن ما يجري لا يعنيها، رغم أن قطع المياه ليس للمرة الأولى وإنما للمرة السادسة والعشرين منذ احتلال النظام التركي ومرتزقته الإرهابيين لبلدة رأس العين عام ٢٠١٩.
أهالي الحسكة نظموا الوقفات الاحتجاجية والتظاهرات المنددة بجرائم الاحتلال التركي وما يقوم به من جرائم حرب موصوفة مكتملة الأركان تستهدف حياتهم، وذلك في رسالة من قلب المعاناة اليومية، برسم المجتمع الدولي آملين أن يتحرر من تخاذله وينحاز لمرة واحدة إلى صفّهم ويتحرك ضد المحتل التركي.
لكن هيهات.. فالمجتمع الدولي، كما يبدو، يصم آذانه عن سماع أصوات أهالي الحسكة كما يغض النظر عن صور الأهالي الساعين وراء تأمين “بيدون” مياه يساعدهم على البقاء أحياء، ليكون شريكاً في هذه الجريمة.
من المعلوم للقاصي والداني أن المجتمع الدولي، لو أراد، لمارس ضغوطاً عاجلة على السلطات التركية لوقف انتهاكاتها بالقطع المتعمد والمتكرر لإمدادات مياه الشرب، وأجبرها على إعادة المياه إلى مجاريها وتأمينها لأهالي المدينة وريفها.
فقطع المياه يعد حرماناً من مقومات الحياة الأساسية وذلك جريمة ضد الإنسانية وفقاً للمحكمة الجنائية الدولية وجريمة إبادة جماعية وفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة لحماية حقوق الأشخاص المدنيين وقت الحرب.
إن بيت القصيد الذي يلهث خلفه أردوغان يكمن في محاولة الأخير تنفيذ مخططاته العدوانية الرامية إلى تهجير الأهالي والسطو على منازلهم وبلداتهم لتغيير الواقع الديمغرافي في هذه المنطقة، تمهيداً لمنحها لمرتزقته الإرهابيين وعائلاتهم، في سيناريو يحاكي ما جرى في منطقتي رأس العين وعفرين.
المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والإنسانية مطالبان، بموقف واضح والانتصار للحق والإنسانية والقيام بمسؤولياتهما القانونية لإلزام المحتل التركي بوقف ضغطه على المدنيين من خلال جرائم التعطيش للنيل من صمودهم ووقوفهم خلف دولتهم السورية.