مخطط أمريكي خبيث

قبل أقل من شهر على إنهاء واشنطن سحب قواتها من أفغانستان بعد احتلال استمر عقدين من الزمن، تشتدّ وتيرة المعارك على الأراضي الأفغانية ويتصاعد العنف مع سيطرة حركة “طالبان” على مساحات واسعة من أفغانستان بما فيها مدن مهمة ومعابر حدودية، حيث لم يتبقَ تحت سلطة الحكومة الأفغانية سوى ثلاث مدن كبرى بينها العاصمة كابول.

ازدياد العنف في أفغانستان على إيقاع اتساع سيطرة مسلحي “طالبان” يثير التساؤلات حول السبب الذي دفع واشنطن للموافقة على سحب قواتها ومعداتها بعد استنزاف أفغانستان بشكل كامل على مدى ٢٠ عاماً وإدخال البلاد في دوامة الفوضى والعنف. هل انتهت مصلحة واشنطن؟ ولماذا أصبح من المهم سحب القوات الآن رغم أن الأمريكيين لم يحققوا الأهداف المعلنة لاحتلالهم وهي هزيمة “طالبان”.

يرى بعض المراقبين أن قرار الانسحاب الأمريكي هو نتيجة فشل واشنطن في تحقيق مخططاتها في أفغانستان، فيما يتكهن آخرون بوجود اتفاق سري بين “طالبان” وأمريكا، ومصالح تتطلع الأخيرة لتحقيقها من وراء إشاعة الفوضى في أفغانستان وجرها إلى حرب أهلية في ظل غياب اتفاق لوقف إطلاق نار مستدام بين “طالبان” والحكومة الأفغانية.

بالنظر إلى سياسات واشنطن، ليس صعباً على المتابع استنتاج أنه من غير المنطقي أن تتجاوز واشنطن سقوط آلاف القتلى والجرحى وتكبّد ٢ تريليون دولار، قالت الإدارة الأمريكية إنها دفعتها خلال الحرب في أفغانستان، والخروج هكذا من دون أي مصالح، حتى لو جاء هذا الانسحاب في ظاهره نتيجة مطالبة الرأي العام الأمريكي بإنهاء الحرب بوصفها أطول الحروب الأمريكية!

ببساطة لو كان ارتفاع تكلفة القوات العسكرية الأمريكية الاحتلالية مادياً ومعنوياً من دون أي جدوى وراء انسحاب واشنطن من أفغانستان، لكانت انسحبت منذ زمن من العراق لتعرض قواتها لهجمات أكثر من التي تعرضت لها في أفغانستان، إلا أن واشنطن تصر على وجودها غير الشرعي في العراق، ناهيك عن احتلالها لمناطق في شمال شرق سورية ونهبها للثروات الطبيعية وفي مقدمتها النفط. إلى جانب السطو على الثروات واستنزاف الخيرات.

في الأهداف العدائية المستترة لواشنطن تتصدّر دائماً روسيا والصين قائمة المنافسين الدوليين والإقليميين الذين يشكلون مصدر قلق بالنسبة لواشنطن اللاهثة باستمرار لاستهداف هذه الدول بوصفها عائق أمام الهيمنة الأمريكية.

ولتحقيق المشتهى الأمريكي، ليس هناك أداة أفضل لواشنطن من الاستعانة بتنظيم “داعش” الذي صنعته بداية في أفغانستان والذي يتغلغل حالياً في شمال وشمال شرق أفغانستان، بغية زعزعة استقرار إقليم شينجيانغ على الحدود الأفغانية- الصينية، وتأجيج المحيط الأمني لروسيا من خلال زعزعة أمن طاجيكستان وأوزبكستان. وعليه، فإن ما تشهده أفغانستان من تصاعد العنف والفوضى وتوسّع رقعة “طالبان” يجر البلاد إلى حرب أهلية تريدها واشنطن لأنها ستوفر لها بيئة مناسبة لنقل المرتزقة وتدعيم “داعش” خاصة إذا ساعدها حلفاء “ناتو” وفي مقدمتهم تركيا في نقل إرهابيي “داعش” إلى أفغانستان وإكمال المخطط الأمريكي الخبيث في محاولة زعزعة محيط الصين وروسيا.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار