ليبيا.. تفاؤل أم تشاؤم؟
يكاد التفاؤل والتشاؤم يتساويان حيال تطورات ليبيا، لكن هذا التساوي في نتيجته النهائية لا يخدم التفاؤل بقدر ما يجعل التشاؤم هو الغالب، باعتباره –أي التساوي– لا يُخرج ليبيا من «المربع الصعب»..
هذا المربع الذي ستستمر قابعة فيه حتى نهاية هذا العام، وتحديداً في 24 كانون الأول المقبل موعد الانتخابات الوطنية حسب مخرجات ملتقى الحوار السياسي الليبي– الليبي.. فإذا ما أنجزت هذه الانتخابات وانتهت إلى نتائج مُلزمة، خرجت ليبيا من المربع الصعب، وإذا لم يحدث ذلك فإن ليبيا ستخرج منه إلى المربع الأول وبصورة أكثر سوءاً مما كانت عليه خلال العامين الماضيين، حيث بلغ الاقتتال أشده بالتوازي مع بلوغ التدخل الخارجي أشده أيضاً، خصوصاً من النظام التركي الذي تدخل بصورة عسكرية مباشرة لتعميق أزمة ليبيا ولإغلاق الأبواب أمام جميع فرص الحل والتسوية، والأخطر أنها أغلقت الأبواب بين الليبيين أنفسهم.
لكن الليبيين توافقوا في نهاية الأمر، على ضرورة أنهم بجميع فرقهم يجب عليهم الالتقاء في منتصف الطريق، قبل أن يفوت الأوان ويخسروا بلادهم (أو مصالحهم بالنسبة للبعض) بصورة كليّة ونهائية.
إذاً لماذا التشاؤم؟
رغم هذا التوافق بين الليبيين إلا أن مسار جلسات الحوار، وما أظهرته من خلافات عميقة ومُعقدة، طيلة الأشهر الماضية، كل جهة تبعاً لمصالحها ومصالح الجهات الراعية لها، يهدد كامل مسار التسوية، وصولاً إلى عدم تحقيق الانتخابات.
أيضاً بدا جلياً عدم وجود رؤية واحدة وموحدة، متماسكة وواضحة، حيال شكل الحكم، ومن يحكم، وكيف سيحكم، وكيف سيتم التعامل مع التدخلات والمصالح الخارجية، على كثرتها وعلى تعقيداتها.. في هذه النقطة بالذات لا يبدو أي طرف (باستثناء الجيش الوطني) يتمتع بالاستقلالية الكافية لتكون لديه مصلحة البلاد، وليس مصلحة الخارج، هي الأولوية. وباعتبار أن الجيش الوطني هو طرف واحد من بين مجموعة أطراف فإن المسألة ليست متعلقة به وحده وبالتالي لا بد من الاتفاق مع الأطراف الأخرى، أياً كان الاختلاف معها، لكن بالمقابل هل تمتلك هذه الأطراف الرؤية نفسها لناحية ضرورة الاتفاق؟.. لا يبدو أن الأمر كذلك، رغم أن التصريحات الصادرة عنها لا تتحدث سوى عن الاتفاق والتوافق، وبما لا يتناسب مع الأفعال التي تصدر عنها.
لنلاحظ أيضاً أن البعثة الأممية، وهي الراعية لمسار الحوار الليبي– الليبي، لا تظهر الكثير من التفاؤل، وترى أن هذه المسار مستهدف بالكثير من الاختراقات، ومن الليبيين أنفسهم، ومنها عمليات اختطاف مسؤولين لهم مكانتهم وكلمتهم في هذا المسار.
وكان لافتاً دخول أميركي علني عبر ريتشارد نولاند (سفير الولايات المتحدة ومبعوثها لدى ليبيا) وبما لا يدعو للتفاؤل، فإذا كان مسار الحوار سيصل في خواتيمه إلى الانتخابات سيكون لهذا الدخول الأميركي كلمته وإلا لن يتبقى مسار حوار.. ولن تكون هناك انتخابات.