الحلفاء وكسر الهيمنة
يشكل الاتفاق الإستراتيجي بين الصين وإيران الموقع حديثاً نقلة نوعية في طريقة إدارة العلاقات العالمية بين الدول، وفرصة إضافية لإثبات أن الدول قادرة على تشكيل تحالفات فعالة على كل الصعد بعيداً عن واشنطن وحكامها من ديمقراطيين وجمهوريين..
الاتفاق الجديد يحقق انفراجاً كبيراً للبلدين اللذين يعانيان من ضغوطات وعقوبات أميركية ظالمة ويشكلان جبهة اقتصادية قوية وعسكرية أيضاً لمواجهة محاولات الولايات المتحدة وتحالفاتها للهيمنة، وسيحقق المزيد من المكاسب المتعددة للطرفين.
يحتل الجانب الاقتصادي العصب الأساسي للاتفاق الجديد الممتد على مدى ربع قرن، من استثمارات في قطاعات النفط والغاز والبتروكيميائيات, ويحمل أيضاً رسائل قوة متعددة من طهران وبكين إلى العالم ويشكل رداً قوياً على أنصار فرض العقوبات والمدافعين عن سياسة القطب الواحد.
اليوم هناك أقطاب فاعلة تفرض نفسها وتحدد مسار نموها وعلاقاتها بالشكل المناسب الذي يلبي مصالحها ويخدم أمنها القومي، ولذلك فان الاتفاق الصيني- الإيراني يعد نقطة انتقال إلى مرحلة جديدة تتحدد فيها الخطوط الأساسية في العلاقات بكل حزم وثبات, وهو في الوقت نفسه رد على محاولات التفرد الأميركي في محاربة الشعوب والحكومات بالوسائل غير الشرعية واستخدام البلطجة السياسية في العلاقات الدولية.
الشراكة الجديدة يمكن قراءتها في هذا السياق، وهي علاوة على ذلك تعني المزيد من التعاون الاقتصادي بما يتناسب مع حاجات البلدين المتعددة ومسارات تطورها لاحقاً، حيث تشير الوقائع إلى آفاق واعدة من الاتفاقات الجديدة مستقبلاً.
أداء صناع القرار في الولايات المتحدة جعل من كل الدول المتضررة من السياسة الأميركية جبهة محتملة ولهم من القوة الكثير، ربما لم يحسب الأميركيون هذا الحساب جيداً وخاصة في منطقتنا، وبالتالي سيفرض الاتفاق إعادة تموضع دولي جديد لن تكون واشنطن فيه تلك القوة المؤثرة, بمعنى آخر تم كسر شوكتها علناً، في حين كان الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث عن محاربة التفوق الصيني والحد منه وإعادة (ترويض) طهران وإجبارها على الجلوس إلى طاولة التفاوض النووي ولكن وفقاً للشروط الأميركية.