ترجمة وتحرير: إيمان الذنون :
فشلت مساعي الديمقراطيين لإدانة دونالد ترامب بتهمة التمرد والتحريض على اقتحام الكونغرس أثناء المصادقة على فوز الرئيس الحالي جو بايدن في السادس من كانون الثاني الماضي، وهي الحادثة التي خلفت فوضى عارمة، حيث أيّد 57 عضواً في المجلس إدانة ترامب مقابل رفض 43 عضواً، ما يعني عدم توفر غالبية الثلثين المطلوبة لإدانة الرئيس السابق، وانضم سبعة أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ إلى 48 ديمقراطياً واثنين من المستقلين الذين صوتوا لإدانة ترامب: ريتشارد بور، وبيل كاسيدي، وسوزان كولينز، وليزا موركوفسكي، وميت رومني، وبن ساسي وبات تومي، ما جعل هذا التصويت هو الأكثر تصويتاً لعزل الحزبين في تاريخ الولايات المتحدة.
ما لا شك فيه أن إدانة ترامب تستلزم تصويت 17 عضواً على الأقل من الجمهوريين إلى جانب الأعضاء الديمقراطيين الـ50 في المجلس المؤلف من 100 عضو.
يرى بعض المحللين السياسيين أن إدانة ترامب من الديمقراطيين كانت متوقعه وذلك بعد أن كشف ميتش ماكونيل، زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأميركي قبل ساعات من المحاكمة أنه سيصوّت ضد الإدانة، لكنه وجه في الوقت ذاته انتقادات لاذعة لترامب قائلاً: إنه غير مؤهل دستورياً للإدانة.
من جهته ركز فريق دفاع ترامب في بيانه الختامي على مزاعم بأن المحاكمة كانت «غير عادلة وغير دستورية» وعلى إنكار تحريض ترامب على التمرد، وقال مايكل فان دير فين، المحامي في فريق الدفاع عن ترامب في أثناء مرافعته: إن مساءلة ترامب ذات دوافع سياسية من الديمقراطيين لأنه ترك السلطة، كما أن خطابه وسط أنصاره محمي بضمان الحق في حرية التعبير التي يكفلها الدستور الأميركي.
بعد التصويت، شجب زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر النتيجة. وقال: إن قضية المحاكمة الثانية لعزل دونالد ترامب مفتوحة ومغلقة. وأضاف شومر: على الرغم من أن أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين منعوا مجلس الشيوخ من استبعاد ترامب، فلا شك أن ترامب قد استبعد نفسه، وآمل وأدعو وأعتقد أن الشعب الأمريكي سيتأكد من ذلك.
وأضيفت بذلك محاكمة رابعة إلى سجل المحاكمات الرئاسية في التاريخ الأمريكي، وتُعدّ هذه الأخيرة أقصرها أمداً.
لكن تبعات هذه المحاكمة ستعوّض قِصر مدتها؛ فثمة رئيس سابق مثل لإجراءات المساءلة في الكونغرس مرتين في سابقة من نوعها، وثمة تشويه وتلميع- لقد نُصب المسرح تمهيداً لمعارك سياسية مستقبلية، إذ اتهم ترامب في بيان صدر بعد التصويت الديمقراطيين بتحويل «العدالة إلى أداة للانتقام السياسي» ودافع عن سجله قائلاً: لقد كنت، وسأكون دائماً، نصيراً لحكم القانون الذي لا يتزعزع، وأبطال إنفاذ القانون، وحق الأمريكيين في مناقشة قضايا اليوم سلمياً وبشرفة من دون حقد ومن دون كراهية.
بينما رأى بايدن الحكم بالبراءة بشكل مختلف تماماً، قائلاً في بيان: في حين أن التصويت النهائي لم يؤد إلى إدانة، فإن جوهر التهمة ليس موضع خلاف. واصفاً المشهد بأنه «فصل حزين في تاريخنا».
والسؤال الذي يطرح نفسه، ماذا سيحدث بعد ذلك لترامب وماذا تعني تبرئته؟
مع تبرئة مجلس الشيوخ للرئيس السابق، يتمتع ترامب بحرية الترشح للمناصب العامة مرة أخرى، بما في ذلك الانتخابات الرئاسية لعام 2024، ويحصل ترامب أيضاً على استحقاقاته كرئيس سابق، بما في ذلك معاش تقاعدي سنوي، وما يصل إلى 1.5 مليون دولار من نفقات السفر كل عام، وتفاصيل أمن الخدمة السرية مدى الحياة.
ومع ذلك، لا يزال من الممكن توجيه تهم جنائية ضد ترامب أثناء تحقيق وزارة العدل في تحريضه على التمرد، كما فتح المدعون العامون في جورجيا أيضاً تحقيقاً جنائياً في مكالمة هاتفية أجراها ترامب عندما كان رئيساً، والتي أخبر فيها وزير خارجية جورجيا براد رافينسبيرغر بـ «إيجاد المزيد من الأصوات» حتى يتمكن من الفوز بالانتخابات الرئاسية لعام 2020. وتحقق نيويورك أيضاً في أعمال ترامب في الولاية.
عن «الإيكونومست» البريطانية