“قرار تهدئة”
مأساة بحجم ما يحدث في اليمن بسبب الحرب المستمرة عليه تتطلب أكثر من مجرد قرار من الرئيس الأميركي جو بايدن لوقف دعم المعتدين على البلد المستنزف اقتصادياً وصحياً وإنسانياً منذ أكثر من 7 سنوات.
قرار وقف الدعم يندرج في إطار التهدئة، أي لا يصل إلى مرحلة الحزم الكافي والقاضي، بضرورة إنهاء تلك المأساة بكل جوانبها, بل جاء قرار بايدن على أهميته مجرد عبور باتجاه تهدئة غائبة الملامح، حتى الآن لتكون هناك قراءتان لذلك القرار.
الأولى هي للمتفائلين الذين وجدوا بذلك بداية طريق لإنهاء الحرب المدمرة التي مزقت بلداً وشعباً بأكمله، ودفعت بالملايين نحو مجاعة لم يسجل مثيل لها في التاريخ كأسوأ الأزمات الإنسانية عالمياً, معتبرين أن بايدن أطلق صفارة البداية للشروع في عملية سلام سريعة.
والثانية، ترى أن فتح الطريق أمام التسوية، رغم إشكالية الحرب وتفرعاتها الإقليمية تتطلب من بايدن اللجوء إلى الفعل، أكثر لإجبار المعتدين على التوقف عن القصف والتدمير وطرح بنود خطة سلام واضحة ومحددة التوقيت, وأن تتسم تصريحاته بذات القوة التي كانت عليها خلال حملته الانتخابية.
في طريقه إلى البيت الأبيض كان بايدن واضحاً كثيراً تجاه هذه القضية متحدثاً وقتها عن إستراتيجية صارمة يحضرها لوقف العدوان على اليمن ومحاسبة المنتهكين متوعداً إياهم بدفع الثمن.
إن فتح القنوات الدبلوماسية التي سدها الرئيس السابق دونالد ترامب بقوة معززاً في الوقت نفسه تجارة الأسلحة عبر تأجيج الحرب على اليمن يعد أمراً مرحباً به، لكن أي تدخل لواشنطن نحو تحقيق السلام يحتاج إثبات حسن نية بعد أن كانت المحرض الرئيسي على الحرب وأغدقت عليها أموالاً طائلة جراء بيع الأسلحة لأرباب العدوان.
صدق النيات الأميركية يتطلب إخراج واشنطن لنفسها من تلك الساحة الغارقة بالدم والمجاعة وإيقاف تدفق أسلحتها إلى الميدان اليمني، من ثم إعادة طرح نفسها كلاعب دبلوماسي يسعى إلى السلام وفي جعبته خطة توافقية داخل اليمن ولجواره الإقليمي.