إدارات مرتبكة ..!
إن تعقيدات المرحلة الاستثنائية التي نمر بها على المستويين الخدمي والمعيشي في ظل ضعف الموارد والحصار تحتاج إلى كفاءات على قدر عالٍ من الخبرة المهنية والإدارية التي تمكنها من تشخيص المشكلات المتلاحقة وشبه اليومية التي تواجه عمل الجهات العامة وتلمس الحلول الممكنة والسريعة لها بكل جرأة ومسؤولية.
ما يلاحظ خلال سنوات الأزمة توضع بعض المديرين في درعا على رأس عملهم في بعض الجهات ممن جرى اختيارهم حسب المتيسر لا وفق معايير الكفاءة.. وهؤلاء تجدهم عند حدوث أي مشكلة طارئة على صعيد العمل – وما أكثرها في الظروف الراهنة – في حالة من الارتباك والتردد وضيق الأفق .. لا يستطيعون تصويب بوصلة المعالجة بالاتجاه الصحيح، وهنا يكثر الهرج والمرج من المحيطين ليتشتت القرار وتتأخر المعالجة التي قد تكون قاصرة أو مشوبة بالأخطاء.
إن عدداً من المديرين يمتلكون الخبرة المهنية والفنية العالية في مجال اختصاصهم، لكن المشكلة بافتقادهم لأي مهارات إدارية تمكنهم من قيادة دفة العمل والعاملين، فتجد الأمور مائعة ولا أحد يكترث للقرارات والتوجيهات، وبالمقابل هناك من يمتلك الكثير من مقومات الإدارة الناجحة لكنه بخبرة مهنية ضحلة، الأمر الذي يجعله في حالة من الضعف والضياع ورهن آراء الحاشية التي قد تدفعه لاتخاذ قرارات بعيدة عن مصلحة العمل وفيها ما فيها من تمرير وتغطية لمصالح خاصة وحالات فساد من نوع ما وهو لا يدري.
أحيانا لا تتوافر في الجهة نفسها كوادر تمكن الجهات الوصائية من حسن اختيار المديرين لكن المستغرب إصرار بعض تلك الجهات على أن يكون المدير من نفس القطاع، وهو أمر جيد لو كانت الكفاءات المطلوبة متاحة فيه، لكن في حال عدم وجودها ما الضير في جلبها من قطاعات أخرى بما يناسب الجهة المقصودة من حيث الاختصاص والخبرة وحسن الإدارة.
إن وضع معايير محددة لاختيار المديرين بما يتلاءم والمرحلة الحالية من الضرورات الملحة، والأهم تطبيقها لا أن تبقى حبراً على ورق ويستمر التعيين على أساس المحسوبيات أو حسب المتوفر، لأن المواطن الذي قاسى الأمرّين من ويلات الحرب وما تلاها من ظروف معيشية صعبة ينتظر من الجهات العامة وخاصةً منها المرتبطة بالشأن الخدمي والمعيشي أفعالاً لا أقوالاً للنهوض بواقعه الحياتي البائس.