عندما يرحل الرجال
الموت قدر محتوم على الجميع وهذه مشيئة الله عزوجل، ولكن لا قسوة أمام قسوة الوداع ولاسيما إذا كان وداع من يتركون أثراً طيباً وسمعة عطرة لا تمحوها السنون , فكيف إذا كان الراحل دبلوماسياً عريقاً ومن الشخصيات الوطنية التي أثبتت الظروف المريرة والأحداث الصعبة التي مرت على بلدنا أنها على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقها , في وقت كنا أحوج إلى أولئك الرجال بتفانيهم وإخلاصهم بعملهم وحبهم لوطنهم الذي لا يضاهيه حب, رجل من رجالات سورية الأوفياء , رجل السياسة المعلم ,رجل الدبلوماسية الذي لم يثنه شيء عن واجبه ولم ييئس بأن النصر آت لا محالة , فظل يسعى لتحقيق هذا الأمل متفانياً في عمله إلى آخر لحظة من حياته . وهنا تتكشف معادن الرجال وأصالتهم .
نبأ رحيل وزير الخارجية وليد المعلم أحزن الجميع، وأمام جلل المصيبة قد لا تسعفنا الذاكرة بكلمات تعبر عما يختلج في الصدور من تمازج لمشاعر الحزن والحب معاً تجاه من يمثل رمزاً من رموز صمود سورية على مدى سنوات وفي كل الظروف , هذه المشاعر تنم عن محبة لرجل عمل بدأب وإخلاص , وقدّم صورة مشرقة عن بلده عبر مسيرة حياته الوظيفية , فكان مثالاً للرجل المسؤول بكل ما تحمل الكلمة من معنى .
رحل الوزير والدبلوماسي المعلم , وترك صوراً متنوعة من التفاني ومحبة الوطن والإخلاص في إيصال الرسالة بكل دقة وتفانٍ , ومهما أسعفتنا الذاكرة حول خصال الرجل , فلن نستطع الإلمام بكل ما قدّم لوطنه ,لكنها مشيئة الله عزّ وجلّ ولا نملك إلا التضرع لله بأن يتغمد فقيد سورية بواسع رحمته ويلهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان .