بين جائحتين
بعد مضي قرابة أربع سنوات من الولاية الرئاسية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يخوض هذا الأخير غمار المنافسة الشديدة للحصول على ولاية جديدة، تدلّ كلّ التوقّعات على أنها ستكون كارثية في حال فوز ترامب بها، وكارثية أكثر في حال خسارته لها.
ومما لاشكّ فيه أن الولاية المنقضية للرئيس ترامب حملت بين جنباتها إشكاليات كبيرة، إن على مستوى الداخل الأمريكي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وإن على المستوى الدولي بما مثّله ترامب من عجرفة واستهتار عالمي قلّ نظيره.
لا أحد يستطيع الجزم بأن فوز المنافس الديمقراطي جو بايدن قد يحسّن الصورة السيئة للولايات المتحدة في عموم العالم، والتي أخذت بالتمظهر حتى قبل مجيء ترامب إلى الكرسي الرئاسي في البيت الأبيض، وإن كان هذا الأخير قد زاد في تعميق الهوّة بين الولايات المتحدة وبقية الدول الأخرى، حتى التي كانت في الأمس القريب تعدّ صديقة وحليفة لواشنطن.
كل المؤشّرات تؤكد أن الولايات المتحدة تقف على حافة هوّة كبيرة قد ينزلق إليها الشعب الأمريكي بعد الانتخابات القادمة، ولاسيما أن ترامب قد هدّد مراراً وتكراراً بأنه لن يتنازل عن السلطة في حال فوز منافسه، وأنه سيعدّ أن الانتخابات التي لا تأتي به رئيساً مجدداً هي “انتخابات مزوّرة لن يعترف بنتائجها”.
ما يقلق المجتمع الأمريكي بكل شرائحه وميوله السياسية والانتخابية حالياً هو جائحة «كورونا» التي عصفت حتى الآن بأرواح أكثر من مئتي ألف من أبنائه، ولا تزال الأرقام قابلة للتزايد في ظل غياب الوسائل الكفيلة في الحد من انتشاره واستفحاله، ولم يحسب حتى الآن حساب الجائحة الثانية القادمة إليه في حال خسارة ترامب للانتخابات التي قد تنسيه آثار الرعب من «كورونا» بكل الظلال القائمة لها.
في المحصلة، يمكننا القول: إن الأمريكيين اليوم يقفون بين جائحتين كبيرتين «كورونا ونتائج الانتخابات القادمة»، فإن كانوا لم يستيقظوا بعد هول صدمتهم بـ«كورونا»، فعليهم أن يستعدوا لتلقي هول صدمتهم بنتائج الانتخابات، ولاسيما أن كل عوامل تفجير المجتمع الأمريكي من الداخل متوافرة وبقوة كبيرة.