حقيقة النظام الأمريكي!
بات واضحاً للقاصي والداني أن المجتمع الأمريكي اليوم منقسم على نفسه أكثر من أي انتخابات سابقة منذ انتخاب الرئيس الأول جورج واشنطن عام 1789 وحتى انتخاب الرئيس الـ46 في الثالث من تشرين الثاني المقبل وأيهما يأتي سواء الجمهوري ترامب أم الديمقراطي بايدن، ما يشي بأن المجتمع الأمريكي والنظام الانتخابي الأمريكي ليسا بخير وليس كما يدعون بأنهم “الدولة الديمقراطية الأولى”، والنظام الانتخابي “الأميز والأعقد والأكثر عادلة ونزاهة” بينما في الحقيقة “الدولة العميقة ” هي من تختار وترسم الخطط والجميع يسير وفقها، كما القطار على سكته، إذاً هل المشكلة في ترامب الذي وصفه علماء النفس بأنه يعاني من النرجسية؟ بينما وصفه آخرون عملوا معه في البيت الأبيض أنه خطر على الأمة الأمريكية والسلم العالي فهل المشكلة بالناخب أم بالمنتخب؟ أم في النظام الذي أنتج وأوصل ترامب وأمثاله إلى دفة القيادة وإن 20 من أصل 46 رئيساً مضطربون ويعانون من بعض الأمراض النفسية، وفق البروفسور سوارتز، فإذا كان ذلك صحيحاً بالمطلق أو بعضاً منه فهذا خلل كارثي ليس على المجتمع الأمريكي فحسب وإنما على الكرة الأرضية لأن الزر النووي وترسانة الأسلحة المحرمة دولياً بيد مجنون؟ والعضو الأخطر بمجلس الأمن الدولي والمهيمنة على القرارات الأممية ومنظماتها بيد معتوه أو نرجسي؟!
واقع الحال اليوم يشير لانقسام “الدولة العميقة” التي تصنع وتهندس السياسات الخارجية والحروب والاحتلالات وهذا يشي بأن الانتخابات الأمريكية الحالية غيرها في كل المرات ولن تمر على خير، والتصريحات “الترامبية” و”التغريدات” والمهاترات والمناظرات دلت على ذلك ونشرت كل الغسيل الوسخ في الصندوق الأسود الأمريكي بدءاً من الحياة الشخصية مروراً بالصفقات المشبوهة والادعاء بتصفية زعماء (القاعدة) و(داعش) وصولاً إلى التهديد بعدم قبول نتائج الانتخابات واللجوء إلى المحكمة الاتحادية والتمترس وعدم الخروج من البيت الأبيض وطلب ترامب من أنصاره العنصريين التسلح والاستعداد للقيام بعمليات قتل وحرق وطرد لكل من لا يكون معهم من السكان الأصليين ومن المهاجرين وخاصة من أصل إفريقي من أماكن وضع صناديق الانتخابات، بل يبارك من يستطيع الاقتراع مرتين وغازل المسيحيين (البروتستانت) المحافظين عندما أعلن نيته تعيين مايك بنس كنائب لهم والمسيحيين “الكاثوليك” بأنه سوف يمنع الإجهاض عكس الديمقراطيين، وغازل الكيان الصهيوني بأنه ابن “إسرائيل” الوفي المخلص وسوف يفعل للصهيونية ما لم يفعله رئيس أمريكي لا سابقاً ولا لاحقاً، أما بايدن فليس أحسن حالاً من غريمه الذي راح يتعهد للّوبي الصهيوني بأنه سوف يجعل من “إسرائيل عاصمة الاقتصاد والقرار” ليس في بالشرق الأوسط فحسب بل مركز للتجارة العالمية ونقطة التقاء وعقدة الطرق العالمية التجارية والصناعية.
إذاً هذه “ديمقراطية” أمريكا وهذا نظامها الانتخابي، فهل يعي بعض العربان الذين لا يزالون يراهنون على هذا وذاك، وهما وجهان لعملة واحدة؟