الحل السياسي الليبي على المحك
رغم التفاؤل الأممي “المحدود” بتوصل طرفي النزاع في ليبيا إلى اتفاق يقضي بإعادة فتح الطرق الأساسية وخطوط الرحلات الجوية الداخلية, على خلفية المفاوضات المباشرة بينهما (5+5) التي استؤنفت الاثنين الماضي في جنيف, إلا أن هذه التسوية لا يبدو أنها تروق للنظام التركي الذي يحاول بكل السبل خرق الحوار الليبي وعرقلة أي حل سياسي يفضي إلى حلحلة الأزمة ويفرض على القوات التركية ومرتزقتها مغادرة الأراضي الليبية.
بالتوازي مع مفاوضات جنيف المستمرة حتى 24 من الشهر الجاري, يعمل رجب أردوغان على التصعيد ميدانياً لوضع العصي في العجلات وافتعال حدث يخرق الهدنة، للإبقاء على حليفه رئيس “حكومة الوفاق” فائز السراج في منصبه, رغم تعهد الأخير بالاستقالة نهاية الشهر الجاري بموجب الاتفاقيات المبدئية التي توصل إليها طرفا النزاع في ليبيا قبل يومين.
ما أثار توجس الأوساط السياسية والعسكرية الليبية من محاولات النظام التركي قطع الطريق على أي حل سياسي لإنهاء الأزمة, هو قيام نظام أردوغان بتحشيد مرتزقته الإرهابيين وميليشياته في طرابلس لشن هجوم عسكري كبير على مدينة سرت انطلاقاً من رمزيتها ومركزيتها ضمن التوافقات، حيث رصد الجيش الليبي خلال اليومين الماضيين هبوط طائرات كبيرة محملة بالأسلحة الثقيلة في قاعدة الوطية ومطاري مصراتة ومعيتيقة، وإدخال الآلاف من المرتزقة وعناصر شركة “صادات” الأمنية الخاصة المقربة من مؤسسة الرئاسة التركية في منطقة السدادة وغرب مصراتة، ما يشي بأن مخطط الهجوم على مدينة سرت وخاصة قاعدة القرضابية الجوية وصل إلى نهايته ولم يبق إلا أمر الهجوم.
اللافت, أن سيناريو الهجوم التركي الواسع على سرت جاء بالتزامن مع زيارة مستشارين عسكريين أتراك إلى ليبيا, وزيارة غير معلنة لكل من السراج ورئيس أركان قوات “الوفاق” محمد الحداد إلى تركيا ولقائهما بوزير دفاع النظام التركي خلوصي أكار, في رسالة علنية مفادها رفض المسار السياسي، وعدم وجود رغبة جدية للمشاركة فيه للتوصل إلى حل نهائي للأزمة الليبية.
رسالة تتماهى مع الرغبة التركية المحمومة لكسر المعادلات العسكرية القائمة، أو تجاوزها وفرض معادلة أخرى لإحداث تغيير في موازين القوى لمصلحة النظام التركي الذي ليس من مصلحته التوصل إلى التهدئة ومنها لمصالحة وطنية تحفظ لليبيا سيادتها وتحصنها من التدخلات الخارجية وتقطع الطريق على أطماع تركية معلنة لم تعد خافية على أحد.