«(نحن شعب لا يعرف الاكتئاب), قالها صديقي وتبعها بالعديد من الأمثلة: «في أزمة البنزين نستغل فرصة الطوابير و(سيرانات الكازية) ومخيماتها الليلية في انتظار (الفَرَج الأوكتانيّ) للتعارف، وتوطيد العلاقات الاجتماعية، و(التطبيق) إن استطعنا إليه سبيلاً، وأحياناً يصل حديثنا إلى تاريخية الطابور الخامس منذ نشأته في إسبانيا وحتى يومنا هذا. والشيء بالشيء يُذكر، ففي التجمعات التي تفرضها البطاقة الذكية من أجل السُّكَّر والرُّز فإن التلاحم المجتمعي يكون على أشدِّه، فالمرأة العانس تبحث لها عن عريس، والمُتقاعد عن شريك في لعبة (المحبوسة)، والصبية عن مهرب ولو عبر (مشروع حَمَاية)
يتابع صديقي (نحن شعب لا يعرف الملل» ويستشهد بأنه «في ساعات التقنين يبدأ لعب التريكس، والواحد والأربعين، وفي أوقات وصل التيار نتحوَّل إلى محللين سياسيين، ونقاد دراميين، وخبراء في الاقتصاد الدولي والمحلي، وبين ذاك وذاك نصبح مُنظِّرين للوجودية والسريالية وما بعد بعد الحداثة، رغم أن ما نعيشه يعود بنا إلى القرن الخامس على أبعد تقدير، وكي لا نكون جاحدين على الزمن فإن التاريخ لا يسلم منّا إذ نُشرِّح أحداثه، ونُفَصْفِص مواقف قادته، كما نُفَصْفِص بزر دوار القمر الذي يُزيِّن مساءاتنا وسهراتنا المديدة)
ويضيف صديقي (نحن شعب لا يعرف الكلل، إذ لا يظل مثل (المكُّوك الحايك) منذ طلعة الضوء وحتى مغيب الشمس، ويصل ليله بنهاره من أجل تأمين حاجياته، والأهم من ذلك أنه يفعل كل ذلك من دون أن يقول (أُفّ) واحدة، ومن دون أن (يَتَأَخْوَخ) ولا (أَخوخة)، إذ يسخِّر معاناته في الإبداع، فالشاعر يبحث عن جملة شعرية تدور في فلك العيون المتعبة، والتشكيلي عن فكرة لتكثيف الزَّمن، والسينمائي عن ضوء من روح، والموسيقي عن لحن يختصر لوعة الأيام، أما اليائس فَيَصْرُخُ سؤالَه من عُمْقِ كابوسه :نحن شعب؟)