ماذا بقي؟
أظنّ أننا نواجه عقبة ليس من السهل تخطّيها، فلا حديث يعلو اليوم على أحاديث احتياجات المواطن والنقص الحاصل في تأمين الأساسيات ، وإن حصل انفراج منظور في حاجة ستولد مشكلة نقص في حاجة أخرى .فالصعوبة تكمن في آلية ونمط تفكير بعض الجهات المسؤولة في كيفية رؤيتها للمشكلات ، من دون الغوص وبشكل معمق في البحث عن الحلول الناجعة .
بعيداً عن الحصار وتبعاته ،هناك تقصير واضح من جانب كل الجهات ,هذا التقصير يكمن في بعض جوانبه بعدم التعاطي السليم مع أي حالة نقص أو اختناق إزاء أي مادة أو سلعة .ما يحصل شي فظيع ومريع ومجحف بحق البشر ،فأي مواطن ذاك الذي ينتظر الليل كله ليظفر بربطة خبز أو بضعة ليترات من البنزين ليشغّل سيارته العمومي بحثاً عن رزقه لشراء لقيمات لأبنائه ..؟!
تعلمت من ظروف الحياة الصعبة أن أترك بيني وبين ما أسمعه أو أقرؤه من تصريحات رسمية مسافة ، ويبدو أن كل الناس بدت تعي جيداً وتفهم ما قد يحصل من تسويف وتزييف وإطلاق الوعود المخدّرة والمتاجرة باحتياجاتها ،والقصور هو سيد الموقف بلا منازع أو محاسب .الكل صار في موقع وحقل المتفرج ,مواطنون ومسؤولون .
إنه الاستسلام للفشل.. فإدارة الأزمة ،أي أزمة كانت، هي الخطوة الأولى في وضع نهاية حتمية لأي من الأسباب والمسببات بل الوصول إلى تأمين احتياجات المواطن ولو في حدودها الدنيا بأقل الخسائر..! واليوم عديدة هي أزمات عيش المواطن ،ولا من نور يلمح في نفق مظلم وطويل ، فقط تسويف وتصدير مسوغات لا محل لها , سرعان ما تتطاير مع بوادر ظهور أي أزمة فقدان ، من المياه وشحها ،إلى الكهرباء ,هذا الكابوس الجاثم على صدور العباد ،إلى أزمات شحّ سلع الطاقة ،إلى معارك الحصول على الخبز، ناهيك عما يجري في طوابير السكر والرز .فماذا بقي ..؟!
الحصول على مادة أو حاجة أساسية _وهي حق لأي مواطن _بات محل إهانة من جانب الجهات الرسمية، وتلاعب وسمسرات لا حدود لها من جانب حيتان الأزمات ومستغليها،وفوق كل ذلك يتغنّون بحماية وسلامة المواطن بنفاق لا يوازيه نفاق في العالم ..!!