ربّت جدي على حماره أثناء مروره أمام طابور البنزين, ممازحاً إياه “والله صرت تتقل بالذهب” ,جدي الذي لم يقتنِ سيارة لأنه لا يطيق التكنولوجيا كونها “غدارة” فمن الممكن أن تقطعه، في زمن شح البنزين والوقوف لساعات على طوابير انتظارها .
فعلاً لم نعد نأمن التحرك بسهولة الى عملنا وأشغالنا, فالشوارع باتت بحالة شلل فارغة من أي وسيلة نقل بسبب أزمة البنزين الأخيرة، يترقب السوريون اليوم, واضعين يدهم على قلوبهم, قراراً جديداً لوزارة النفط بعد الازدحام, قائلين في أنفسهم: اعتدنا على اختلاق تلك الأزمة كل عام، فالقصة أصبحت مكشوفة (رفعوا سعر البنزين وخلصونا) .
لنعد بذاكرتنا الى الوراء قليلاً، الأزمة ذاتها حصلت في الشهر الرابع من العام الماضي الطوابير نفسها ومشهد المواطنين يجرون سياراتهم على دور البنزين ذاته، حينها خرجت وزارة النفط بتصريحات أضحكت الشارع حينها عندما أكدت أن سبب الأزمة خبر نشره موقع الكتروني عن إمكانية تخفيض الكمية المدعومة من مادة البنزين, ما أدى الى اندفاع الناس بأعداد كبيرة باتجاه محطات الوقود التي أغلقت أبوابها نتيجة الخبر, ما سبب الازدحام على ما تبقى من المحطات وهو خبر غير صحيح يصب في مصلحة جهات (بعينها) تهدف الى خلق بلبلة وإرباك في الشارع السوري .
في الوقت نفسه سببت الاختناقات بتأمين البنزين ارتفاعاً في أسعار النقل بشكل تلقائي, كما توقف عدد من السيارات عن العمل في بعض المناطق وقرر سائقو سيارات الأجرة رفع أجور النقل بأنفسهم بنسبة وصلت الى 50% بحجة الانتظار ساعات طويلة من أجل الحصول على تنكة واحدة فيما سعت بعض الجهات لامتصاص غضب السائقين بتوزيع الورد والمجلات وعروض الرقص الشعبي .
ولم ينتهِ الشهر الرابع حتى تلاشت الأزمة وتوفر البنزين فجأة بعد تخفيض شريحة الدعم عبر البطاقة الذكية الى 100 ليتر شهرياً للآليات الخاصة و350 ليتراً للسيارات العمومية بسعر 225 ليرة.
ولا نريد الذهاب لأبعد من العام الحالي ففي الشهر الثالث أيضاً حصلت نفس الأزمة ولم يتم حلها إلا بصدور قرار رفع سعر ليتر البنزين المدعوم الى 250ليرة وغير المدعوم الى 450ليرة, وليس هذا فقط ففي الشهر الخامس من هذا العام أيضاً استفاق المواطنون فجأة على طوابير البنزين التي لم تنتهِ إلا برفع الدعم جزئياً عن 9% فقط من السيارات ذات سعة المحرك من 2000 سي سي وما فوق وكل من يملك أكثر من سيارة.
اليوم في ظل الوزير الجديد فضلت الوزارة عدم التصريح فقد وعت أن “السكوت من ذهب” فاكتفت بإجراء زعمت أنه مؤقت يقضي بتخفيض كمية تعبئة البنزين للسيارات الخاصة من 40 الى 30 ليتراً كل 5أيام وما يحزن أن إنتاج سورية من النفط عام 2011 بلغ نحو 400ألف برميل يومياً .
نتساءل: بعد تلك اللعبة التي باتت مكشوفة كم نحتاج اليوم من الورد والفرق الموسيقية والمجلات والنكت للتخفيف من استياء المواطنين الذين يواصلون الصمود على طوابير البنزين ونشر الطاقة الإيجابية بينهم.