تدير بريطانيا الأذن الطرشاء لكل ما يقوله الاتحاد الأوروبي بخصوص «انتهاك قانوني» أعلنته جهاراً نهاراً لاتفاق “بريكست”، وهو الانتهاك الذي بات رسمياً بعد إقراره في مجلس العموم البريطاني أمس الثلاثاء.
الطريقة التي طرحت بها بريطانيا الانتهاك ومن ثم إقراره يعطي الانطباع بأنها تتعامل مع الاتحاد الأوروبي بسياسة فرض الأمر الواقع، بمعنى أنها تقول له: أنا أريد هذا وإذا لم يعجبك وبالتالي لم توافق على ما أريد فهذا ليس بمشكلة «عليَّ وعلى أعدائي» وسنخرج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق.
بالمقابل، يبدو الاتحاد الأوروبي عاجزاً فعلاً عن الرد، فهو لا يكف عن إطلاق التهديدات والتحذيرات بما فيها مضاعفة التكاليف المالية لاتفاق “بريكست”، رغم أنه يملك كل الحقوق القانونية لملاحقة بريطانيا قضائياً، فهي فعلياً ما زالت ضمن قوانين الاتحاد ومؤسساته وفق المرحلة الانتقالية لاتفاق “بريكست” والتي يفترض أن تنتهي نهاية العام الجاري.. والسؤال:هل يفعلها الاتحاد الأوروبي ويقاضي بريطانيا، وهل ينجح في ذلك، وكيف سترد بريطانيا؟
لنعيد التذكير هنا بأن «انتهاك بريكست» الذي أقرته بريطانيا رسمياً يتعلق بالبروتوكول الخاص بـ«أيرلندا- أيرلندا الشمالية» والذي لطالما وقف حجر عثرة في طريق المفاوضات بين الجانبين طيلة السنوات الأربع الماضية، وأطاح برئيسي حكومة، ديفيد كاميرون وتيريزا ماي، وصولاً إلى بوريس جونسون الذي يجهد طوال الوقت حتى لا يلاقي المصير نفسه.
بكل الأحول فإن بروتوكول «أيرلندا- أيرلندا الشمالية» هو أمر مصيري بالنسبة لبريطانيا باعتبار أن أيرلندا الشمالية مقاطعة تابعة لها ولا يمكن لبريطانيا أن تقبل بإقامة حواجز/ حدود/ بينهما بعد تنفيذ اتفاق “بريكست” لما يمثله ذلك من ضربة موجعة للاقتصاد، ولما تزعم بريطانيا بأنه سيفتح باباً لعودة الاضطرابات والعنف بعد أكثر من عقدين على توقيع اتفاق «الجمعة العظيمة» عام 1998 والذي أنهى حرباً أهلية مذهبية امتدت لأكثر من ثلاثين عاماً.
لا يهم بريطانيا كل ما يقوله الاتحاد الأوروبي عن الشفافية والمصداقية وتقويض الثقة. هي تريد إعادة تفصيل ثوب “بريكست” لتتناسب كل مقاساته مع مصالحها، وإذا لم يتحقق لها ذلك فستنفذ «بريكست