ما زالت دوامة «بريكست» تدور برحى ثقيلة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، لا إمكانية للتقدم، ولا مجال للعودة إلى الوراء، كل من الطرفين يتمسك بشروطه بخصوص ملفات هي بالأساس ومنذ البداية عصيّة على التوافق والاتفاق، والحديث هنا ليس فقط عن أيرلندا الشمالية وإن كانت هي الأبرز ضمن الملفات العالقة، وهي اليوم تعود إلى دائرة الضوء بقوة مع شرط بريطاني جديد جعل الاتحاد الأوروبي في حالة استنفار واستفزاز حيال ما سماه «تعنت بريطانيا ومساعيها لتقويض الثقة وبشكل غير مفهوم».
فجأة، ومن دون سابق تمهيد، جاهرت بريطانيا بلسان رئيس وزرائها بوريس جونسون أنها ستعمد إلى «انتهاك بريكست» عبر إلغاء أجزاء منه، أغلبها يتعلق بأيرلندا الشمالية بدعوى أن “هناك تناقضاً وغموضاً من الناحية القانونية يترك أيرلندا الشمالية معزولة عن بقية البلاد”.
كيف حدث واكتشف جونسون هذا الأمر بعد ما يُقارب ثمانية أشهر من التوقيع النهائي على اتفاق “بريكست”؟.. هذا ما لم يقله، كما لم يقل كيف بالإمكان حل هذا التناقض والغموض فيما هو يهدد الأوروبيين ويضعهم أمام جدول زمني ينتهي يوم 15 تشرين الأول المقبل، وإذا لم يتم التوصل إلى تفاهم فإن بريطانيا ستخرج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق رغم التحذيرات من العواقب الوخيمة لذلك.
كان هذا عشية جولة جديدة من المفاوضات بين الطرفين بدأت الاثنين الماضي، وهي الثامنة في إطار مفاوضات المرحلة الانتقالية التي تمتد حتى نهاية هذا العام، ويُفترض أن جونسون أخبر الأوروبيين كل ما استجد مع بلاده حيال “التناقض في اتفاق بريكست”، ولكن حتى الآن لا تصريحات رسمية من الأوروبيين باستثناء تصريحات متفرقة ترفض ما جاء به جونسون، ولا شك أن الأوروبيين أُسقط في يدهم وكأنهم يبدؤون قصة “بريكست” مجدداً من أول السطر.
بريطانيا تعتبر “بريكست” وخصوصاً ملف أيرلندا الشمالية قضية “سيادة واستقلال لن تتهاون بها” كما قال جونسون، والاتحاد الأوروبي يرى مصيره على المحك بسبب بريطانيا.. لا هي تتنازل ولا هو يتنازل.. التنازلات مكلفة جداً..
إذاً كيف ستنتهي قصة “بريكست”..؟