لايكفي رفع القبعة !
تخيل نفسك تواجه وحشاً من نار يلتهم في طريقه كل شيء ولايفرق بين أخضر ويابس وأنت تحاول قتله وإخماده بالرش بالماء وبما توافر لديك من إمكانات متواضعة وآليات مهترئة وبدائية ووسائل حماية ربما تفي ببعض الوقاية كحماية لرجال الإطفاء
هو حال رجال الدفاع المدني من منظومة الإطفاء, أولئك الجنود المجهولون الذين يخوضون معارك مع وحش النار, ذلك العدو الذي يخلقه مجرم عامد متعمد أو لا مبالٍ بإشعال عود ثقاب والباقي تتكفل به قساوة الطبيعة ودرجات الحرارة غير المسبوقة ورياح عاتية تنتفض كمارد وتنفخ في وجه النار لتستعر وتحاصرك من كل جهة…
وما عليك سوى تخيل هول الموقف لرجل ببعض وسائل الحماية وما أقلها بين يديه يواجه وحش النار المفتعل حيناً من قبل مجرمي الغابة وقاطعي رؤوس الأشجار وحارقيها بقلوب تفتقد الرحمة حينها وتتساوى أمامك وتتضح الصورة جلية مع مشهد ذلك الإرهابي الذي التهم بوحشيته قلب وكبد الجندي العربي السوري, وذلك الإرهابي الذي يحرق ويلتهم رئاتنا ومصدر حياتنا وهوائنا النقي الذي نستنشقه من تلك الحراج ويشوه وجهها الجمالي الرائع ولوحتها الخضراء البديعة …عندها يستوي أمامك حجم الإرهاب والخراب الذي يتعرض له البلد وحجم الحرب وهولها والتي بدأت الآن صعوباتها وذروة نارها المتأججة في جبالنا التي تحترق قممها .
رجال على قلة أعدادهم وعتادهم يواجهون وحش النار, هم أسطورة في التضحية لاتغفل لهم عين ولايستقر لهم جفن كي تباغتهم النار وإلا استعرت …يحاربونها على جبهات وعرة قاسية من دون طرق زراعية ومصائد مياه جبلية ومن دون طيران وبوسائل حماية بدائية
وتعويضات وحوافز معدومة يحتاجون كل مقومات درء المخاطر ومقومات الصمود ..ومع ذلك يعملون بصمت وبأخلاق ابن البلد الأصيل
يستشهدون ويواجهون مصيراً أسود ولا يأبهون أو يتخلفون عن أداء الواجب.
في حراجنا المحروقة عوضنا دائماً على الله والطبيعة التي تجدد ذاتها, فهل يبقى كذلك رجال الإطفاء عوضهم على الله, أم إنهم يستحقون منا كل الاهتمام والدعم ولا يكفي فقط أن نرفع لهم القبعات أمام الكاميرات وعدسات «التلفزة»؟