لجم الفساد
تطورات كثيرة حصلت على بنية المجتمع خلال فترة الحرب وغيرت معها النفوس و أدت إلى العديد من الأفعال والممارسات التي لم نكن نألفها من قبل بل فرضها الواقع الجديد بكل تأثيراته ومناحيه ومفرزاته , إذ كنا نرى الفساد في مراحل سابقة ضمن مجالات ضيقة ومحدودة ولكن في يومنا هذا بتنا نرى سلوكيات وتجاوزات على نطاق واسع وفي أكثر من مجال .وللأسف نجد أن أغلب التبريرات غير مقنعة وتتخذ من الحرب شماعة لكل تلك التجاوزات .وفي كثير من الأحيان نرى أن غياب المحاسبة وراء كل ذلك .
فما جرى ويجري من مخالفات واستهتار ولاسيما ما حصل مؤخراً من اشتعال غاباتنا ما كان ليجري لو أن من قاموا بها حسبوا حساباً لمن يردعهم أو يُنزل بهم عقوبة صارمة .وأيضاً من يقوم بعملية التهريب أو سرقة المال العام أو أي فعل من شأنه الإضرار بمصلحة الوطن والمواطن أو الرشوة وغيرها الكثير من التصرفات التي ترتكب دون وازع من خوف . ما جعل لزاماً أكثر من أي وقت مضى وضع حدّ لاستفحالها .
وهذا يقود إلى أننا بتنا اليوم وبعد سنوات عشرٍ عجاف من الحرب بحاجة إلى سنّ قوانين نابعة من حاجة ضرورية وحقيقية لتواكب التطورات الحاصلة على جميع المستويات وبما يتماشى مع الحالة الراهنة فلكل زمان ضروراته التي يفرضها الواقع.. ولا نقول نسف القوانين ولكن إدخال بعض الفقرات والبنود المعدّلة لها بما ينسجم مع كل مرحلة من المراحل عندما يتطلب الأمر ذلك مع التشدد بتطبيقها فعلاً لا أن تكون مجرد نصوص على الورق في الوقت الذي يتم التساهل بتطبيقها من قبل القائمين على ذلك .مع ضرورة ألا يكون التعديل في قوانين معينة مجتزأ بما يترك مجالاً للمواربة في فقرة معينة قد يجدها البعض ثغرة للتملص من قضية معينة .
فمرحلة إعادة الإعمار لا تقتصر على إعمار الحجر والمشاريع التنموية وحسب بل تقتضي إعادة ترميم الثغرات الحاصلة في أي مجال بما لا يترك مجالاً للهروب من أي مخالفة .فهل نشهد شيئاً من هذا في قادمات الأيام للجم الاستهتار والفساد ؟ .