السوق تزداد سواداً !
في ظل قلة المعروض من بعض المنتجات المحلية والمستوردة وتفشي وباء الاحتكار اتسعت السوق السوداء أمام العيان غير آبهة بأحد حتى تطاولت على كل شؤون حياة المواطن.
لا نأتي بجديد عندما نتحدث عن السوق السوداء التي تتاجر بالمحروقات على قارعة الطرقات ضمن المدن وتحت أعين الرقابة، وهي (الغاز والبنزين والمازوت) التي تباع حسب تفاوت ضغط الطلب عليها من ضعفين إلى أربعة أضاعف سعرها النظامي.
الحالة الأخرى تبدو من المتاجرة بالخبز التمويني حيث إن بعض المعتمدين ليس لديهم قوائم اسمية دقيقة وثابتة وكل ما يزيد لديهم نتيجة الامتناع عن تسليم بعض المواطنين -بمسوغات مختلفة- يتم بيعه بسعر يزيد من ضعف إلى ضعفي السعر النظامي أو يحوّل إلى علف، ولا تقل خطورة المتاجرة بالدقيق التمويني وما الضبوط التموينية المنظمة بهذه المخالفات إلا غيض من فيض.
الأكثر إيلاماً المتاجرة بالمياه الجوفية إذ يلاحظ أن الكثير من الآبار الزراعية محفورة في حيازات صغيرة وأصحابها لا يكتفون بريّها فقط بل يبيعون المياه بأسعار باهظة لري الأراضي المجاورة ما خلق منعكساً خطراً تمثل بجفاف العديد من الينابيع بشكل يهدد مياه الشرب، ولم تغب المتاجرة بالكهرباء عن المشهد الأسود لأن من لديهم مراكز تحويل سواء مرخصة أم مخالفة يقومون ببيع الطاقة الكهربائية للجوار من فعاليات زراعية أو صناعية بأسعار قد تصل إلى ضعفي قيمتها.
كذلك تفاقمت تجارة الإسمنت بالسوق السوداء ولم يسهم رفع سعر المادة النظامي بلجم تلك السوق بل تسبب بزيادة السعر بأكثر من مقدار الزيادة، و
وصل الأمر مؤخراً إلى ظهور سوق سواء تخص خدمة الإنترنت وأصبح الشارع في معظم الأرياف التي تعاني محدودية بوابات الإنترنت المتاحة يتداول عمليات التنازل والبيع لآخرين بأسعار تتراوح بين 200 و 300 ألف ليرة للبوابة الواحدة.
ما نمر به من تمادٍ على الموارد الطبيعية والمتاجرة بها وبكل المواد والخدمات زاد كثيراً من قسوة الحياة، ويؤشر إلى لا مبالاة شبه مطلقة بالجهات الرقابية بدليل (وقاحة) وجودها في الأماكن العامة وسط المدن والبلدات، ما يستدعي صحوة جادة لمحاصرة السوق السوداء التي تتاجر بكل أساسيات عيش المواطن، وذلك بتفعيل دور الجهات الرقابية معززة بمؤازرة الجهات المختصة للتمكن من ضبط من يعتقدون أنفسهم فوق القانون..