“بازار” انتخابي
عنف وعنصرية وانتشار للسلاح وسط أزمات صحية وسياسية واقتصادية تعصف بالمشهد الأمريكي وتثير المخاوف من وقوع الأسوأ مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في تشرين الثاني المقبل والتي يتنافس فيها كل من دونالد ترامب ومعه حزبه “الجمهوري” وجو بايدن ومعه حزبه “الديمقراطي” حيث يحاول كل طرف منهما شيطنة الطرف الآخر لخطب ود أكبر عدد من الناخبين.
لم يتبق سوى شهرين على موعد الانتخابات والبازار الانتخابي على أشده حيث كل شيء مباح ومشروع أمام المتنافسين من ترويج وتلميع وتنفير ووعود منفوخة وشعارات ملغومة.
لم يبق سوى شهرين وكل مؤشرات المشهد الانتخابي المستند إلى استطلاعات الرأي تشي بأن السجال الحاد بين المرشحين يتجه لأن يزداد توتراً وتطرفاً خلال الشهرين المقبلين, وأن أعمال العنف التي تشهدها بعض الولايات الأميركية، والتي لا تزال محدودة نسبياً من المرجح أن تتفاقم أكثر.
وعلى إيقاع أعمال العنف, باتت العنصرية نقطة اشتعال وجدال في المؤتمرات الانتخابية للمرشحين، ففي حين يشدد ترامب على رسالة “القانون والنظام” التي تستهدف أنصاره من أصحاب البشرة البيضاء، يتعاطف منافسه بايدن مع الأمريكيين الأفارقة الذين يراهن عليهم ليكونوا رافعته للوصول إلى البيت الأبيض, وخاصة في ولايات حرجة مثل نورث كارولينا، فلوريدا، بنسلفانيا، ميتشيغان، وهو ما قد يرجح كفة بايدن.
وأمام احتفاظ بايدن بتقدمه وفق استطلاعات الرأي على مدى أشهر, ليس أمام ترامب المستميت للبقاء في البيت الأبيض سوى الاستمرار بالمراهنة على تحريك قاعدة أنصاره لممارسة أعمال العنف وتخويف الشارع لحد نسبة المشاركين في الاقتراع لمصلحة خصمه, وإذا لم ينجح في ذلك فإنه سيستغل فوضى الشارع لتشويه عملية الاقتراع ورسم علامات استفهام على سلامتها بما يجعلها موضوع نزاع قضائي وجدل سياسي يدخل البلاد في أزمة.
صحيح أنّ المعركة الحالية بين المرشحين المتنافسين في السوء ليست محسومة بعد، لكن المؤشرات ليست في مصلحة ترامب خاصة مع إصرار الأمريكيين من ذوي البشرة السوداء على المشاركة في الانتخابات الرئاسية بكثافة لتغيير واقعهم والتخلص من عنصرية ترامب, فقد بات للأرقام الانتخابية وقعها على خيارات الناخبين غير الحزبيين الذين لم يحسموا تصويتهم بعد.
وعليه فإن ترامب اليوم في موقف انتخابي لا يحسد عليه فهو لا يزال يخسر نقاطه الشعبية في الوقت الذي لم يقوَ فيه حتى الآن على تصحيح صورة تعامله مع جائحة فيروس كورونا فيما تزداد أعداد الوفيات ويتواصل التعثر الاقتصادي ما يقوّض حظوظ ترامب الانتخابية ويدفعه للتحريض على المزيد من العنف والعنصرية.