المرأة في دراما الفساد
يتشابه الفساد في معظم الدول، لكن النسبة المئوية هي التي تختلف، وكثيرة هي المسلسلات التي قاربت الفساد في عموم المجتمع، وإن كانت بمستويات تتراوح جودتها فكرياً وفنياً بين عمل وآخر، لكن اللافت للنظر في مقاربة مسلسل «العرّاب» عن الرواية والفيلم الشهيرين، الذي انتهت استعادة عرضه مؤخراً، هو سطوة المال على المرأة، إذ شاهدنا معظم شخصيات هذا المسلسل من دون أي حقوق!
وهذا ما قد يستغربه المشاهدون الذين يتوهمون أن المرأة في الطبقات الثرية ذات حقوق كاملة، في حين ما شاهدناه العكس تماماً، سواء كانت (زوجة، أماً، أختاً)، فهن تحت سطوة مصالح الذكَر المالية، فالأم زوجة منسية من واجبات الزوج تجاهها، لأنه يخونها مع أخرى، ومنسية حتى من بعض أولادها الذين لا يتذكرونها غير وقت الحاجة لمساعدة منها.
والمرأة الابنة أو الأخت هي أداة لصفقة شراكة مع صاحب رأسمال، أو صاحب سطوة سياسية، وبذلك تُحرم من أدنى حقوقها في اختيار شريك حياتها الذي تحبه، وإن تمردت هذه المرأة أو تلك على قوانين الذكر المالية تواجهها صعاب كثيرة إلى درجة المتاجرة حتى بعواطفها، والقضاء على من تفكر بالخروج معه عن سطوة رأس المال الفاسد، كمحاولة لاستعاضة ما فاتها من حبٍّ، وإن تمردت أكثر تحرم من حقوقها المادية، وإن تم الاعتراف بها لاحقاً، لا يتم إلاّ بعد فوات الأوان والدخول في مرحلة حطام القلب والضياع عاطفياً والاتجاه صوب تعاطي المخدرات التي يتاجر بها أقرب الناس إليها، شقيقها البكر، ليكون هذا الذكر مجحفاً بحقها مرتين ومدمراً لحياتها كيفما توجهت!
ولن تنجو من سطوة هذا الذكَر الفاسد على كل الأصعدة حتى الابنة من ذوات الاحتياج الخاص، وغير المؤذية لأحد، لكن هذا الذكَر يعدها عاراً فيحاول التستر عليها ما يسهم في مضاعفة مرضها الذي لن تهدأ أعراضه إلاّ في وسط مناقض لشروط بيئة عائلتها، أي في وسط عائلة فقيرة مشبعة بالحنان والحب اللذين تمنحانه لها وترفض قبض مقابل مادي عنهما. كل ذلك على ما يبدو ليقول لنا المسلسل: المال وسطوته لا يمنحان الأمان والحب، وهذا ما ظلت تعانيه الأم التي كان يؤرقها الخوف رغم تلك السطوة، وأن الشرائح الطفيلية على مقدرات المال العام واقتصاد المجتمع تقتل كل مظاهر الحياة بتجلياتها المعنوية لأقرب الأشخاص لها.