خصوصية !

لا يستطيع الإنسان في الحدّ الأدنى أن يشارك في إنجاز أعمال غيره، ما لم ينجز أعماله أولاً .. ثم ومع توافر فسحة من الوقت والطاقة، أي عندما يكون في حالة من ملل دون كسل، عندها قد يشارك غيره أعماله.
وهذا أمر يختلف بحسب الأمكنة بين الريف والمدينة، كما يختلف بحسب العلاقة بين الطرفين، ففي العواطف مثلاً يشارك من باب “الواجب” في الأعراس والمآتم، أما في المرض فلا يشاركه دائماً لأنه حالة تخضع لقبول الطرفين، فأحدهما قد لا يعلن عن مرضه خوفاً من الشماتة!.
يشبه الأمر كثيراً موضوع الأبواب، بين الموصدة في المدن – حتى البوابات الخارجية – ، والمفتوحة في الريف والذي ما زال ابن الريف يمارس دعوة من يمر أمام بيته ولو لم يكن يعرفه للتسلية، ولكن حتى التسالي والألعاب تخضع لرضى الطرفين.
هذا في العمل والواجب والتسالي، في الحد الأدنى، أي حتى لو فتحت الأبواب تبقى محدودة، فما بالنا بالحدّ الأعمق، حيث مهما جالس الإنسان غيره يبقى لديه من الأشياء الكثيرة غير المكشوفة لأنها تخضع للرقابة من سلطة “اجتماعية أو دينية أو سياسية”، وبالتالي لا يمكن كشفها ومشاركتها إلا مع المقربين، وبقدر تآلفهم مع الأفكار وصاحب هذه الأفكار!.
إلى هذا يكون المشترك ضئيلاً جداً، ويشبه كثيراً عبارة نُسبت لأحد كتابتها على باب بيته “لا تطرق الباب فأنا أتفقده كل خمس دقائق”!، ورغم أنها رويت على سبيل الطرفة، وللتعبير عن بخل سكان المدن، إلا أنها تعبّر عن حقيقة العلاقات، فلا تطرق الباب، وصاحب البيت هو من يفتح لك، خاصة إذا كان قدومك من دون موعد !.
“من دون موعد” تعني اقتحام وقت المضيف، لأن الطارق اختار الوقت المناسب له، دون حساب وقت غيره، اتفاق الطرفين على موعد هو اتفاق على الوقت الأنسب لهما، الذي لا يعبّر فقط عن الوقت المتاح، بل يعبّر عن الوقت المناسب للقول، وتحقق الأفكار والمشاعر في ذات صاحبها أولاً، ثم مشاركتها مع غيره، على أن الوقت المتاح لا يقع الطرفان على وعي أهميته أولاً، ما قد يعني عدم توفرها دائماً !.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار