يفترض أن مواطننا الصابر يدرك الوضع الصعب الذي يعانيه في أمور عيشه، ويستوعب أن عليه الصبر قليلاً.. وهذا أمر طبيعي، وله الحق أن يبدي رأيه بحرية فيما يؤلمه خاصة إذا ازداد عليه الغبن أكثر من غيره.. وفي كل الأحوال له الحق في قولة (آخ)… ويدرك متابعو قنوات البث الإذاعي الـ (إف.إم) الكم الكبير من الشكاوى، ومحاولات الاتصال بذوي الشأن من المسؤولين، لعل وعسى يستقيم الأمر إن كان صحيحاً، وفي هذا المجال يلجأ بعض أصحاب الشكاوى إلى الصحف، كما هو الحال مع زاويتي.. وقد زارني شلة من جيراني، وحملوا معهم همومهم وهمومي التي برزت بقوة خلال هذا الصقيع غير المسبوق..
والحكاية من أولها تدور حول معاناة ساكني منطقتنا المعروفة بـ: (مشروع مساكن برزة المسبقة الصنع).. وقد مضى على سكناها ما يقرب من أربعين عاماً وهي تحوي ما يزيد على 300 بناية، وكل منها بعشرة طوابق.. أي إنها تقترب من أن تكون مدينة أنموذجية صغيرة.. مميزة بموضعها في سفح جبل قاسيون، وبتخطيطها وشوارعها وخدماتها… ولكن، على قول المصريّين: (يا خسارة الحلو ما يكملش)، حيث الأمور باتت مزعجة لسكانها في الحالة التي بدأت مع نهاية السنة المنصرمة.. فالبنايات جميعها مزودة بتدفئة مركزية مشتركة، وقد توقفت هذه الخدمة منذ عام 2013 بسبب الوضع الذي نمر فيه… وهذا لم يؤثر كلياً في الساكنين، مع توافر الكهرباء ومادة الغاز للتدفئة والطبخ..
وللتوضيح: من غير الممكن والمسموح استخدام مدافئ المازوت في المنطقة قطعاً… وما من حل للتدفئة إلا باستخدام الكهرباء رغم تقطعها بالتقنين والأعطال.. أو الغاز مع الشح وصعوبة تأمين جرة الغاز..
وعلى قول (مارك توين): «كل شيء جميل في الشتاء.. عدا ارتجاف الفقراء»!…