ما حققته الصناعة خلال الأشهر الأخيرة من نتائج على صعيد الإنتاج والتسويق وإعادة التأهيل يستحق التوقف عنده, والبحث في أسباب ومقومات هذا النشاط الذي افتقدنا معظمه خلال سنوات الحرب على سورية, وهذا ليس مديحاً لأحد , وإنما حقيقة جسدتها الأرقام التسويقية التي فاقت الـ 205 مليارات ليرة..
لكن من دون أن ننسى تأثيرات الحرب على بلدنا, حيث تعرضت القطاعات الصناعية للتدمير والتخريب نتيجة الاعتداءات الإرهابية وعمليات السطو وسرقة المنشآت وخطوط الإنتاج في الشركات العامة والخاصة بقصد ضرب المكون الأساسي للاقتصاد الوطني, ذلك انطلاقاً من إدراك التنظيمات الإرهابية وداعميها هذه الحقيقة وسعيهم لتدميرها وسرقتها بتغطية تركية مباشرة وقلة من المتواطئين, بقصد تحويل هذا القطاع إلى اتكالي و«عالة» على خزينة الدولة.!
لكن التعافي المستمر لهذا القطاع حطم آمالهم على صخرة الإصرار والتحدي الكبيرين للعاملين فيه على اختلاف مكونهم الصناعي في الخاص والعام, ووضع الحلول للمشكلات الطارئة التي أوجدتها ظروف الأزمة, وأخرى أوجدها بعض مرتزقة الإرهاب وضعاف النفوس الذين وجدوا في الأزمة أرضاً خصبة لنمو فسادهم, وجمع الأموال على حساب الخزينة العامة وجيوب المواطنين..!
وهذه مسألة تجدها ليس في القطاع الصناعي فحسب, بل في كل القطاعات, وخاصة التي لها تماس مباشر مع المواطن , لفرض ثقافة أوجدتها ظروف انشغلت فيها الدولة في مكافحة الإرهاب..
وتالياً هذا الأمر يحتاج معالجة فورية , وخاصة في القطاع الصناعي من خلال رسم خطط واستراتيجيات مبنية على أبجدية المعالجة المباشرة لمشكلات كل مكون صناعي على حدة, بعيداً عن أفكار التنظير والرؤى الخيالية, والابتعاد عن شخصنة العمل, واستثمار أمثل للكفاءات, وهذا لن يتم إلا من خلال إدارة أزمة مهمتها كل ما ذكرت, قادرة على اتخاذ القرار وسرعة تنفيذه, وامتلاك القدرة على المحاسبة, واتخاذ ما يلزم في الزمان والمكان الذي تكون فيه مصلحة عامة, والأهم قدرتها على وضع الاستراتيجيات الصحيحة المبنية على الواقع الفعلي, مع مراعاة الظروف والإمكانات المادية والبشرية, وما يحصل الآن في القطاع الصناعي يؤمن أرضية خصبة لولادة إدارة كهذه, وتوفير مقومات نجاحها, فهل نشهد ولادتها خلال الايام القادمة بفعل المتغيرات الجديدة من جهة, والنجاحات المطلوبة من جهة أخرى..؟
Issa.samy68@gmail.com