النجاح الإداري لا يتم إلا عبر منظومة إدارية واضحة وشفافة، يدير دفتها أشخاص إداريون بحق يملكون كل صفات النجاح والتأهيل، يعملون وديدنهم التفوق والتطوير، وتحقيق نتائج باهرة على مؤشرات وخلاصات أنشطة الشركات والإدارات المنتجة، وليس الإداري الناجح هو ذاك الذي يفلح في الوصول إلى أرقام إنتاجية وأرباح جيدة، إنما هو ذلك القيادي الذي يرتقي بمستوى الخدمات المقدمة للمواطن بطرق سهلة أكثر مرونة.. ولا يتسع المجال هنا لذكر المشكلات التي يشهدها القطاع العام المعني بتقديم الخدمات للمواطنين، وأسباب حصولها وتراكمها وما سببته من إشكالات وانتكاسات، فكلها تصب في خانة الأمور حول تراجع المستوى الإداري للمسؤول والموظف على حدٍ سواء..!!
ليس من باب الجلد والنظرة السلبية تجاه البطء والتراخي الحاصل في منظومة الأعمال التي تؤديها بعض الجهات والإدارات الرسمية، لكن ومع الأسف الشديد أنه لم تصل معظم الإدارات إلى ماهو مأمول منها، فالتراجع في مستوى الخدمات المقدمة سببه قد يكون غياب المنهجية الصحيحة في علم الإدارة، وربما يكون بسبب تراكمات إرث التطاول على النظم المتبعة، وعدم تعيين الشخص المناسب في المكان المناسب، ما أفقد الثقة بالقطاع العام وتميزه، والكل يعلم أن بعضاً ممن يحظى بإدارة شركة إنتاجية اقتصادية ليس لكفاءته القيادية والعلمية، بل لوساطته ومدى «دهرنته» ومعرفة فك خيوط اللعبة المنفعية مباشرة..!
بصراحة..أصحاب الكفاءات والخبرات، وممن هم على درجة من الأهمية العلمية التي تؤهلهم للقيادة ورسم خطوات النجاح في معظم المرافق والقطاعات، قد يكونون «مبرمجين» أو بأمكنة واختصاصات بعيدة، وهذا حصيلة تدخلات المحسوبيات واستقطاب أشخاص «فلحوا بالدس» والكذب وإتقان «تمريق» الصفقات أو مايشبه ذلك، وتضخمت حالات كهذه لدرجة أن أصحاب الكفاءة، أو «الفهلوية» باتوا يعدون على أصابع اليد، أمام جيش من الإداريين والموظفين الذين يقضون جل الوقت منهمكين بمسائل لا علاقة لها بالعمل والمهمة المسندة بالمطلق…!!
بالقليل من الأموال استطاعت شركات أن تقلب صورة ونمطية أنشطتها وتصل إلى حدود جيدة من التنفيذ والإنجاز، فالمال ليس هو المطلوب فقط، ما ينقصنا هو تخطيط إداري متكامل يستند على مرتكزات ثابتة، ينفذه أشخاص بعقول كبيرة، همهم التطوير والإبداع وتحقيق طفرات ملموسة، وليس إدارات قابعة على كراسي «الوجاهة»..!!