ارتجال السياسات الزراعية مؤذٍ كما غيابها، ومن الخطأ انتهاجها مزاجياً،لان الزراعة جزء لا يتجزأ من التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتكاملة، بل هي حجر الأساس بالنسبة لأغلب اقتصاديات الدول، لأنّ السياسات الزراعية، شأنها شأن غيرها من السياسات، لها أهداف محددة، ومن الأهمية القصوى وضع تلك الأهداف ووسائل تحقيقها أمام متخذي القرار لمعرفة ودراسة مدى تأثيرها في سائر القطاعات الاقتصادية.
وقبل كل شيء نسأل أنفسنا: ما استراتيجية التنمية الزراعية المتبعة لدينا حتى الآن… وما الخيار الأساس لتحصين الإنتاج الزراعي في المستقبل!؟ والإجابة تكون بأن قطاع الزراعة كان ومازال يعاني الإهمال والتراجع، والانحسار المستمر في الأراضي الصالحة للزراعة، ولم تقدم الحكومات المتعاقبة سابقاً المشاريع الحقيقية لتنمية هذا القطاع الحيوي بل أهدرت الأموال ما أثر بشكل غير مدروس في ديمومة الإنتاج الزراعي، وأكد غياب التخطيط والسياسية العشوائية لهذا القطاع.. اليوم الحكومة أطلقت العنان لزارعة كل متر وكل شبر، ما يعطي جرعة تفاؤل لإنعاش هذا القطاع عنوانها الأساس دعم المنتج من الزراعة إلى التصدير. ونحن بدورنا ندعم أي خطوات تتخذها الحكومة في الاتجاه الصحيح لأنه لا يسوغ بقاء القطاع الزراعي مهمشاً ولا حتى اتباع سياسة زراعية ظرفية ومرتجلة.
في اعتقادنا إن الكرة الآن أصبحت في مرمى الحكومة التي انتهجت نقلة نوعية متميزة وما نحتاجه هو خطة زراعية وطنية تعتمد على برامج تنفيذية يتم من خلالها تحديد المشاريع لتكون هي حجر الأساس وملبية لخطة إنمائية واضحة محددة الأهداف، ويجب أن تكون ثابتة في خطوطها العريضة لفترة لا تقل عن 10-15 سنة، وأن تكون قابلة للتعديل في ضوء المتغيرات التي تفرض عليها، كما يترتب على الدولة واجب حماية الزراعة بتأمين سياسة أسعار مدعومة شرط اتخاذ الإجراءات المناسبة، ليستفيد منها المزارعون الحقيقيون من دون سواهم.
والخيار الأهم، أن تكون لدينا زراعة قادرة على المنافسة لأن تحصين الإنتاج الزراعي، بتحسين نوعيته وتخفيض تكلفته، هو الخيار الوحيد الذي يفرض نفسه لتحسين الوضع الاقتصادي، وعليه لابدّ من إنشاء البنية التحتية لهذا القطاع المتمثلة في القدرة البشرية والمؤسساتية التي توضع طبقاً للكفاءات وليس تبعاً للولاءات والمحسوبيات.
hanaghanem@hotmail.com