الحديث مازال مستمراً عن ضرورة القضاء على الفساد المعشش في مفاصل أعمال المؤسسات والإدارات، ولاسيما تلك التي على تماس مع المواطن أو المعنية بالمراقبة وفحص السلع الواردة والصادرة.
بين فترة وأخرى، نسمع قصصاً عن سرقات وهروب فاعليها من بعض ضعيفي النفوس بالملايين التي جمعوها بطرق التوائية وفساد لا مثيل له مستغلين مناصبهم ومهامهم لـ«غبّ» الأموال والتستر على صفقات مرور مواد وسلع تضر بالمجتمع وبالاقتصاد المحلي.
وهنا ما يهم ليس الإشارة فقط إلى ارتكابات وفظائع حالات السرقات والفساد المستشري هنا وهناك، بل نسأل: أين الرقابة الحمائية حيال مجازر كهذه من سرقات المال العام وإلحاق أفدح الأضرار التي سرعان ما تنعكس وبالاً على معيشة المواطن البائس أصلاً..؟! وأين الرقابة الاستباقية بآلياتها وعناصرها وما فائدة الإشارة إلى الفساد وقت وقوعه..؟! أو بعد «الذي ضرب ضرب وهرب»؟!
لم يعد الحديث والإشارة إلى حالات الفساد يطرب الآذان، فصار كأنه إرث وعمل اعتيادي لابد من وقوعه والسكوت أحياناً عنه، أو بمعنى عدم المحاسبة الجدية عن مرتكبي فصوله، ما يهم هنا: كيف للجهات المختصة في الرقابة المالية والتفتيشية حماية المال العام من الهدر والسرقة قبل حصول الكارثة، فالرقابة التي تسمى «الحمائية» لم تتفعل آلياتها كما يجب، وهي كما هو معروف تقتضي البحث والتحري في أسباب القصور فى العمل والكشف عن عيوب النظم الإدارية والفنية والمالية واقتراح وسائل تلافيها والمراقبة الجدية، وخاصة للمفاصل ذات الأهمية، وكذلك متابعة تنفيذ الإجراءات بوحدات الجهاز الإداري بصورة شفافة وموضوعية، كما يجب أن تعزز من إمكانات الكشف عن المخالفات الإدارية والمالية التي قد تقع من قبل بعض العاملين أو بعض المسؤولين أثناء مباشرتهم واجبات وظائفهم أو بسببها إلى جانب الاختصاص بكشف وضبط الجرائم التي تقع من غير العاملين وتستهدف المساس بسلامة أداء واجبات الوظيفة أو الخدمات العامة، وعليه فهي من اسمها يجب أن تكون جهة رقابية تراقب أوجه الفساد والقصور في المجتمع قبل حصول المحظور!!.
اليوم أعمال إداراتنا ومؤسساتنا تحتاج تفعيلاً موضوعياً متكاملاً بشأن الرقابة الاستباقية، الإجراء الذي لاشك يؤثر في الكيف والكم للحد من أوجه الفساد في المهد، لا أن ننتظر الفساد والفاسد حتى يستشري فسادهما ويعم، عندها سيأكل الأخضر واليابس..!