«الأم السورية شمس لا تغيب» فيلم «ديكودراما» يوثق دور المرأة السورية خلال سنوات الحرب
تشرين- حسيبة صالح:
“الأم السورية شمس لا تغيب” فيلم ينتمي إلى الأفلام التي يتأرجح تصنيفها بين الوثائقي والتسجيلي والدرامي، وإن صحت التسمية هو من نوع الأفلام التي تُصنف بأفلام “الديكودراما” وهي التي توظف الدراما ضمن سياق التوثيق.
وفي لقاء “تشرين” مع مخرج الفيلم المخرج والناقد الفني عواد القدرو بيّن أن رسالة الفيلم هي رسالة عاشها كل الشعب السوري خلال الحرب التي عاشت أهوالها سورية، ومازالت تعاني من آثارها حتى هذا اليوم ، وهذه الحرب كان قوامها شهداء وأبطال والشعب الذي خرج منه الشرف والبطولة من أجل الدفاع عن وطنه، وكان للأم السورية أو للمرأة السورية دور بالغ الأهمية، ودور مؤثر في الحالة الوطنية السورية.
وحسب القدرو فإن رسالة الفيلم الرئيسة تقول: إن الأم السورية أو المرأة السورية ليست ذلك الحدث العابر في حياة الشعب السوري، وإنما هي أم الشهيد والبطل، وزوجة الشهيد والبطل، وابنته وشقيقته وهي الشمس الحاضرة دائماً والتي لا تغيب، وقصة الفيلم مأخوذة عن كتاب “يوم ليس كباقي الأيام” للسيدة كفى ثابت كنعان والدة الشهيد مجد رزوق الذي استشهد في كلية المشاة بحلب، ولم يعد جثمانه إلى ذويه وبعد استشهاده وتحرير مدينة حلب من براثن الإرهاب الدامي، قررت السيدة كفى كنعان أن تزور كلية المشاة في حلب مكان استشهاد ولدها والعديد من رجال الجيش العربي السوري، وفي تلك الرحلة التي امتدت من اللاذقية إلى حلب جال في خاطرها وفكرها الكثير من الذكريات عن ولدها والكثير من المحاكاة بين قلبها وعقلها وكيف سيكون الأثر لتلك اللحظة التي ستطأ فيها قدماها كلية المشاة في حلب، حيث تضم جثمان ولدها والعديد من جثامين شهداء الجيش العربي السوري.. هذه الأفكار والأحاسيس دونتها في كتاب كان عنوانه «يوم ليس كباقي الأيام»، وعندما قرأت الكتاب أخذتني بشدة فكرة رحلة هذه الأم إلى كلية المشاة، وقررت أن أتبنى هذا الكتاب وأصوغ منه فيلماً عنوانه: «الأم السورية شمس لا تغيب».
بالطبع لم أكن أستطع أن أقدم معاناة وحزن سيدة واحدة فقط في الفيلم، يوضح قدرو، فمعاناة وحزن وفخار أمهات سورية بأولادهن كانت كثيرة وتحمل قصصاً كثيرة ولا تتشابه مع بعضها بعضاً دائماً، فقررت أن أبحث عن حالات متنوعة، ووفقت بذلك حيث تشرفت بلقاء بعض أمهات الشهداء اللواتي استشهد أولادهن في كلية المشاة في حلب ومشفى الكندي الجامعي في حلب، حيث سطرت هناك أعظم ملاحم البطولة على أيدي أبطال الجيش العربي السوري.
القدرو: أناشد بضرورة إحداث مركز للأرشيف القومي يكون بمنزلة مرجع لكل من أراد أن يعرف عن سورية ويكون في القادم من الزمن شاهداً حياً علينا وعلى إرثنا وحضارتنا وقوميتنا
ويؤكد القدرو أن هدفه الأساسي في الفيلم، هو التصوير في الأماكن الحقيقية في كلية المشاة ومشفى الكندي، وهذا ما حصل بفضل الشرط الفني المهني الذي حققته المؤسسة العامة للسينما التي تصدت لإنتاج هذا الفيلم بكل مهنية وتبنٍّ لموضوعه، وبالفعل تم تصوير الفيلم بين مدينة القصير في حمص وحلب وريف حلب وريف اللاذقية واللاذقية، وبالطبع التوثيق مهم جداً في حياة الشعوب والأمم، ونحن في سورية بحاجة ماسة ودائمة للتوثيق لعدة أسباب أهمها، أن سورية تمتلك وتذخر بالعديد من الاستثناءات الحضارية والثقافية والاجتماعية والسياحية والوطنية، وهناك في يوم من الأيام ستأتي أجيال وتسأل أين تاريخنا وتراثنا وأهلنا وماذا فعلوا، فإذا لم يكن هناك توثيق بالمعنى الكامل للتوثيق فلا يوجد أي معنى لأي شيء نصنعه ونفعله ونقدمه، وقد تكون الأحداث التي مرت على سورية في السنوات العشر الأخيرة حافزاً للتوثيق وإعادة النظر بآلية التوثيق والتأريخ لسورية شعباً وحضارةً ومعرفةً ومن على هذه الصفحات.
وناشد القدرو بضرورة إحداث مركز للأرشيف القومي يكون بمنزلة مرجع لكل من أراد أن يعرف عن سورية، ويكون في القادم من الزمن شاهداً حياً علينا وعلى إرثنا وحضارتنا وقوميتنا، وبالمناسبة أن مركز الأرشيف القومي موجود في أغلبية دول العالم، ويأتي بمرتبة حكومية مهمة، فاليوم مع احترامي الشديد للوثائق الورقية وللكتب أصبح هناك مع تطور التقنيات توثيق أهم وهو الصوت والصورة.
وفي السياق يقول القدرو: بالطبع في هذا الفيلم لم أستطع جمع كل أمهات الشهداء في سورية، لأننا نريد عشرات الدقائق والساعات لكي نوثق ونسجل، ويجب ألا نتوقف، فكل قطرة دم سالت من دماء أبناء سورية هي أمانة بأعناقنا، وكل ذرة تراب خطا عليها بطل من بلادي هي أمانة أيضاً، لذلك يجب أن تستمر رحلة البحث الدائم عن الموضوعات التي يجب توثيقها وأرشفتها، وبالطبع الجهات الرسمية والمؤسسات تستطيع أن تكون طرفاً مساعداً ولكنها لا تستطيع أن تقوم بالدور كاملاً.
المرأة السورية عموماً وعبر التاريخ كانت شريكة حقيقية وأساسية في بناء المجتمع السوري فهي من تنجب وتربي وتعطي بلدها فلذات أكبادها
المرأة السورية عموماً وعبر التاريخ كانت شريكة حقيقية وأساسية في بناء المجتمع السوري، فهي من تنجب وتربي وتعطي بلدها فلذات أكبادها، وفي هذه الحرب وفي كل الحروب أثبتت المرأة السورية أنها صامدة صمود الجبال وأصيلة كأصالة الرجال.
وخصّ القدرو الشكر لكل من كان معه في هذا الفيلم، من المؤسسة العامة للسينما في وزارة الثقافة والفريق الفني والإنتاجي للفيلم:
نائل تركماني مدير التصوير.
مغيث ديب مدير الإنتاج.
نزيه أسعد الموسيقا التصويرية .
إبراهيم الصباغ مهندس الصوت.
دلامة الحسين المونتاج والعمليات الفنية.
الإعلامية لبابة يونس والإعلامي سمعان فرزلي.
الفنان القدير جرجس جبارة.
حسين الخطيب كاتب ومؤدي أشعار الأغاني.
مهند إبراهيم المشرف على سير العملية الإنتاجية للفيلم.
مراد شاهين المشرف العام على الفيلم.
كما شكر القدرو كل من رافقه من أمهات شهداء وأبطال الجيش العربي السوري في هذه الرحلة: أم الشهيد مجد رزوق، كفى ثابت كنعان، وأم الشهيد عبد الله مطانيوس الشاعر: نوال داوود، وأم الشهيد أوس بركات: سهيلة ديب، وأم الشهيد هايك أغوب : كاتيا خاشو، الشهيد الحي العقيد علي سعيد، الجريح البطل إبراهيم طراف ووالده غسان طراف.
وعبر القدرو عن سعادته بأن يتزامن عرض الفيلم الأول في دار الأوبرا السورية في 1 آب 2024 مع عيد الجيش العربي السوري.