يرى أنّ عمر المخرج يقاس بنوع أعماله وليس بالكم.. الليث حجو: الإخراج لم يكن مشروعي في البداية.. وأنا غير مستعجل
تشرين- حلا خيربك:
نظريته (الاختلاف) حتى عن نفسه، فالمخرج الليث حجو منكبٌّ على مشروعه الإخراجي، ولا يعنيه ما يعمل الآخرون، ورغم أن أعماله تُعدُّ على الأصابع إلّا أنه تميز دائماً بالجديد والمختلف، ولايمكننا أن ننكر عليه إنجازاته كما يسميها، ليحسب حسابه كبار مخرجينا كرقم صعب في عالم الإخراج، ويبدو أنه وضع خطة لأهداف بعيدة وبدأ بتنفيذها، حيث مازال بعيداً ببحثه عن الانتشار ومقتنعاً بأن العمل الجيد يمدُّ بعمر المخرج، مع الليث حجو في هذا الحوار..
السير الذاتية تحول أصحابها لآلهة
* كل ما قدمته حتى الآن من (بقعة ضوء) وحتى (ضيعة ضايعة) يعدّ مغامرة لاقت نجاحاً كبيراً فهل تبحث عن الرهانات؟
أنا لم أتقصد المنافسة منذ البداية، ولجأت إلى مجال لا يدخلني مقارنة أو رهاناً، كان غيري سبقني ليقدم به وجهة نظر، وكان همي البحث دائماً المختلف حتى عن نفسي، وفعلاً جميع أعمالي متباعدة تماماً عن بعضها (بقعة ضوء، الانتظار، ضيعة ضايعة)، قد يكون صبري أحياناً على الوقت جعل لدي مساحة أكبر قليلاً للبحث، أنا غير مستعجل وأرى أن حجم إنجازات كهذه تأخذ وقتها من البحث والدراسة والتروي، هذا قد يوفر لي الحظ ويعطيني نتائج مقبولة نوعاً ما.
* ما الذي تحضر له حالياً؟
هناك عمل بيني وبين عدنان عودة قيد الكتابة بعنوان (أنا وصدام) اجتماعي سياسي لاعلاقة له بأي سيرة ذاتية.. يتحدث عن أي مواطن عربي ارتبط مصيره وقدره بالقرارات التي اتخذها بحياته صدام حسين بغض النظر عن سلبياتها وإيجابياتها، ولكن بالنتيجة هي قرارات أثرت على كل مواطن عربي بردود فعل ونتائج، أتمنى أن ينتهي العمل وينجز هذا العام، وعمل آخر يكتبه رافي وهبي بعنوان (ملفات مغلقة) بوليسي سياسي اجتماعي يتطرق لمفهوم الإرهاب، وهناك مشروع مع ممدوح حمادة قيد الكتابة أيضاً، سافرت إليه في بيلاروسيا حيث يعيش منذ شهر تقريباً، وتحدثنا بأكثر من اقتراح وكتب منه الحلقات الأولى، والعمل كوميدي طبعاً، ولاعلاقة له بـ(ضيعة ضايعة) الذي انتهينا منه، ولن نعيد منه أجزاء، فقبله كان (بقعة ضوء) وأتمنى أن نبقى على هذا المستوى.
الدراما ليست صيدلية تقدم حلولاً
* هل أنت مع مقولة أن عمر المخرج قصير ويجب أن يكون لديه كم من الأعمال؟
عمر المخرج يقاس بنوع الأعمال وليس بالكم، توجد مسلسلات ينساها المشاهد مع آخر حلقة، هذا إذا استمر بالمتابعة، وهناك أعمال تبقى حية طويلاً، أنا مع مقولة أنّ العمل مستمر بنوعيته، والعمل الجيد يمد بعمر المخرج.
* بدأت العمل كمخرج منذ عشر سنوات تقريباً فكيف كانت خطوات البداية؟
رحلتي بدأت بالإعلانات التلفزيونية، وكان لدي مكتب للإنتاج الإعلاني بحلب، وبعدها انتقلت للعمل كمساعد مخرج، وكان أول عمل شاركت به (خان الحرير)، وقبله سهرة تلفزيونية للمخرج حاتم علي (إكسسوار)، أما أول عمل لي كمخرج فكان (بقعة ضوء) بجزأيه الأول والثاني، قضيت الفترة من عام 1994 وحتى2001 مع المخرجين: هيثم حقي، حاتم علي، مأمون البني، وعدنان إبراهيم، ولم يكن مشروعي أن أصبح مخرجاً، بل كنت أبحث عن نفسي كمخرج منفذ جيد ومطلوب دائماً.
* ما رأيك بمشروع كاتب ومخرج؟
التوافق الفكري بين هذين المهنتين هامٌّ جداً، لأنّ العمل التلفزيوني عمل جماعي وليس فردياً، والمخرج لا يمكنه أن يبدع من نص سيئ عملاً جيداً، وهو حتماً بحاجة لشراكة حقيقية بين عناصر عمله حتى الفنيين، فهم شركاء ليقدموا عملاً بوجهة نظر متفق عليها، لايمكنني إنتاج عمل كمخرج وأنا مختلف بوجهة النظر مع الكاتب وأقصد فكريًا، فعندما يوجد توافق حتماً سيكرر الشركاء التجربة، وحتما ستؤدي إلى نتائج جميلة جداً، وحتى لو لم ينل العمل الإعجاب.. لكن طالما اتفق المخرج والكاتب على مقولة ما، سيوجد جمهور يتفق معهما أيضاً.
* لم تتعامل حتى الآن كمخرج مع شبكة الأوربت فما السبب، هل لكونها غير موجهة للجمهور السوري؟
للأسف حتى الآن لم تتوفر فرصة جيدة ونص جيد لأقدمه ضمن هذه المؤسسة، لكن المخرج هيثم حقي أستاذنا ومظلته وحدها امتحان صعب ومغرٍ بنفس الوقت بغض النظر عما إذا شوهد العمل أم لا، وبالنسبة للمشاهدة فقد يكون التقصير منا أو سوء حظ لكون هذه المحطة ليست موجهة للمشاهد السوري، وعموماً ليس من حقنا أن نطلب من الممول الخليجي أن يتوجه لنا، فحقه أن يبحث عن مشاهديه وجمهوره ولايمكننا فرض رأينا عليه، أتمنى أن نمتلك قناة سورية توفر فرص إنتاج كالتي توفرها الأوربت ويكون همُّها الأول المشاهد السوري، لماذا نطالب دائمًا المحطات الخليجية بمراعاة المشاهد السوري، ولماذا نطالب القائم على صناعة العمل السوري مقاطعة القناة الخليجية طالما أن البديل لدينا غير موجود، لا يمكننا أن نحاسب هؤلاء حتى تصبح لدينا قناة تغطي تكاليف هذا الإنتاج ويكفي أن تعتمد على مشاهدنا.
أقوم بنفسي باستطلاع طويل لأختار اللوكيشنات
* حتى الآن لم تتعامل إلّا مع شركة (سامة) ما سبب تمسكك بهذه الشركة؟
أنا مرتاح جداً مع (سامة) وهناك حالة توافق وانسجام فكري مع مديرها أديب خير جعلتني دائماً متمسكاً بها، لأني معها حر برأيي، وقدمت لي فرصاً لم تكن شركات أخرى لتسمح لي بالمغامرة بها، مثلاً مسلسلي: (ضيعة ضايعة) و(أهل الغرام) بحلقات متصلة كانا مغامرة فالعملان ليسا من المشاريع الرابحة تجارياً، لكن كانا رابحين فنياً بالنسبة لي، حتى الخماسيات التي أنتجناها لم يتبيّن بعد إذا كانت مشروعاً رابحاً أم خاسراً فتوزيعها صعب جداً، لأن المحطات غالباً ما تبحث عن مسلسلات طويلة تملأ موسمها الإعلاني، فلماذا لا أتمسك بشركة تحقق لي طموحي، أنا عادة أقدم لأديب الفكرة وكانت لديه دائماً ثقة كاملة بي، ولم يتردد أمام أي مشروع دخلنا به، ميزة أديب خير أنه منتج فني وليس اقتصادياً، وحتماً مصلحتي هي وجودي مع منتج يفكر بهذه الطريقة، لأني أبحث بأنانية عن مشروعي بغض النظر عن ربحه التجاري، وقد تحمّل كل انتقادات العالم لعمله بالدوبلاج مقابل أن يتمكن من إنتاج أعمال فنية لا تسعى للربح.. يستغرب البعض عندما نقول إن (ضيعة ضايعة)عمل خاسر ولكن عندما يتذكر المحطات التي بثته سيكتشف أنها قليلة جداً وهي سورية.
* كيف تختار مواقع التصوير لمسلسلاتك؟
أنا من أقوم بنفسي باستطلاع طويل لأختار اللوكيشنات، لأنّ المكان شريك حقيقي بالعمل والرؤية الفنية، والديكور أحياناً يفرض نفسه بقوة كما في (ضيعة ضايعة) كان هناك شرط المكان، لا يمكنني أن أرسل مدير إنتاج ليختار الممثلين وكذلك الديكور يجب أن أتفاعل معه لأقدم رؤيتي من خلاله، ومن هنا تأتي ضرورة أن أكون موجوداً بالاستطلاع.
* لماذا ابتعدت عن أعمال السيرة الذاتية؟
السير الذاتية مشكلة لا حلّ لها، وجميع الشخصيات التي حولت إلى سير ذاتية أعطيت نوعاً من القداسة، لم أرَ شخصية لم يتنبؤوا لها بالنبوة منذ الصغر، ومن ثم تحولت لآلهة، وبرأيي لاينقصنا المزيد من الخطوط الحمراء والقوالب.. السيرة الذاتية دائماً غير حقيقية ولست مضطراً لدخول هذه المغامرة.. كانت هناك محاولتان لدخولي هذا المجال في (ليلى مراد، وروز اليوسف) وكنت رافضاً للفكرة مسبقاً، الشخصيات المهمة تستحق أن يلقى عليها الضوء لكن لا أن تؤله وتُقدّس.
* لاحظنا جرأة كما في (ماملكت أيمانكم وتخت شرقي)، برأيك هل أصبحت ملامسة الخطوط الحمراء ضمان للنجاح؟
إذا افترضنا أنّ تلك الأعمال نجحت بسبب الجرأة فإذا هذه الجرأة أدت وظيفتها، وأنا حتماً معها، و بالوقت نفسه لن نحمّل الأعمال مسؤولية الجرأة فطالما شوهدت هذا دليل أن المشاهد أصبح بحاجة لكسر بعض الحواجز.
أتمنى أن نمتلك قناةً سورية توفر فرص إنتاج
* هل هو نجاح كاتب أم مخرج؟
كل المجموعة فالنجاح ليس فردياً، المخرج قادر على إخفاء كل مزايا النص، والكاتب قادر على تسطيح كل أفكار المخرج فلا تكتمل الرؤية، وحده المكياج أو الملابس قد تسيء إلى عمل، المسؤولية في العمل تقع على عاتق الجميع.
* متى ستتبنى عملاً اجتماعياً جريئاً؟
قدمت (الانتظار)، وبرأيي لا توجد مدة صلاحية على العمل، ولم أنجز من بعده إلّا (فنجان الدم)، و(ضيعة ضايعة) أي ليست هذه المجموعة الكبيرة من الأعمال، عندما أجد عملاً آخر بمستوى (الانتظار) لن أتردد أبداً.
* تم انتقاد (أهل الغرام) بعدم تقديمه للحلول، كم الدراما مسؤولة عن تقديم الحلول للمشاكل الاجتماعية؟
** الدراما ليست صيدلية لتقدم حلولاً، وتوجد مئات الحلول، قد تكون جميعها صحيحة أو خاطئة، ليس فقط بـ(أهل الغرام) وإنما لكل المشاكل الاجتماعية والسياسية، مجرد طرح المشكلة وتوقف الناس عندها والتساؤل عن الحل هو نقطة البداية لإيجاد الحل، كل شخص يختار حلاً مناسباً لتفكيره ومجتمعه وأخلاقه وحجم مشكلته نفسها.