آلة الكمان وعائلتها.. آلات أساسية في كل الفرق الموسيقية العالمية

تشرين – إدريس مراد:
ازدهرت صناعة الآلات الوترية وخاصة عائلة الكمان مع بداية القرن السادس عشر، وقد برع الطليان في صناعتها إذ ظهرت لها مدرستان، الأولى وهي البريشانية نسبة لمدينة بريشيا الإيطالية، أما المدرسة الثانية التي نسب لها الشكل الحالي لعائلة الكمان، وهي المدرسة الكريمونية نسبة لمدينة كريمونا الإيطالية وقد بلغت صناعة الوتريات فيها حداً كبيراً من التطور.. ويعود تأسيس هذه المدرسة إلى شخص اسمه “أندريه آماتي” الذي عاش بين عامي 1535- 1611م. وتتألف عائلة الكمان من أربع آلات متشابهة تبدأ من الأصغر وهي الكمان ومن ثم أكبر حجماً الفيولا، وأكبر التشيللو، ومن ثم أكبرها الكونتر باص، ولا تخلو أي فرقة موسيقية على وجه المعمورة من هذه العائلة لاسيما السيمفونية منها وقد استخدمت بكثرة في الفرق الشرقية والعربية..

المدرسة الكريمونية نسبة لمدينة كريمونا الإيطالية وقد بلغت صناعة الوتريات فيها حداً كبيراً من التطور

الكمان
من الآلات الأساسية في الأوركسترا، وتعد من أكثر الآلات الوترية تعبيراً لأن بإمكانها تجسيد كل التعابير الإنسانية، ويرى البعض أنها تعبر عن أرق المشاعر والأحاسيس حتى أقوى الانفعالات كالغضب واليأس، وذلك بسبب تعدد تقنيات العزف عليها، ما يعطيها قوة تعبير خارقة.. وقد لاقـت آلة الكمان رواجاً عظيماً لدى كل الشعوب لاسيما بعد أن منحها الموسيقار الإيطالي مونتفيردي السيادة على آلات الاوركسترا في الأوبرات وغيرها، وأصبحت الفرق الموسيقية تعتمد عليها، حتى بات عدد آلات الكمان (ورفيقاتها) في الفرق الأوركسترالية يبلغ نحو نصف المجموع الكلي للآلات جميعها. وللكمان رصيد هائل عبر التاريخ من المؤلفات العظيمة الخالدة، فقلّما نجد مؤلّفاً موسيقياً عظيماً لم يكتب أعمالاً لهذه الآلة أو أسرتها مثل باخ، بيتهوفن، موزارت، باغانيني.. وتشارك أسرة الكمان في كل الأعمال الموسيقية التي تؤديها الأوركسترا كونها عنصراً أساسياً في هذه الفرق.

الكمان من الآلات الأساسية في الأوركسترا وتعد من أكثر الآلات الوترية تعبيراً

يتفق الكثير بأن أصل آلة الكمان يعود إلى آلة الربابة العربية، ففي القرن الأول الميلادي صَنع العرب آلة الربابة وكانت ذات وتر واحد، ثم أصبحت ذات وترين متفاوتين، ثم بأربعة أوتار. وعرفت قديماً بالجوزة لأن صندوقها الرنان كان عبارة عن نصف ثمرة جوز هند جافة، ومازالت تستخدم في العراق حتى الآن، حيث انتقلت آلة الربابة مع العرب إلى الأندلس وكريت وصقليا، وبعد ذلك انتشرت صناعة الآلات الوترية التي يعزف عليها بالقوس.. وآلة الكمان طولها 35,5 سم، أما طول الوتر فهو 32,8 سم، وطول القوس 74 سم، وتُعد سَيدة قسم الوتريات، وعادة ما تُوكل إليها الألحان الرئيسية في الأوركسترا.

للكمان رصيد هائل عبر التاريخ من المؤلفات الخالدة

آلة الفيولا
تشبه آلة الفيولا أختها الكمان، ويظهر للإنسان العادي بأنها هي الكمان ذاتها، ولكنها تكبر آلة الكمان قليلاً بحدود 3 إلى7سم. وهناك تنوع نسبي في أحجامها، فطولها من 39 حتى 42 سم، وطول الوتر بحدود 37 سم، وطول القوس الذي يعزف بها بحدود 74 سم، ويعزف عليها كما يعزف على الكمان. بدأ استخدام الفيولا (بشكلها المحدّث) في عصر النهضة ضمن الأعمال الموسيقية الدرامية مثل أوبرا (أورفيو) عام 1607 التي ألفها الإيطالي (كلاوديو مونتيفيردي)،. ونادراً ما يسند لها أدوار منفردة باستثناء فقرات الألحان العاطفية الحزينة. حيث أنها تقدم الدعم دون أن تَفرض جَرسها أو شخصيتها على المجموعة الموسيقية.

تشبه آلة الفيولا أختها الكمان، ويظهر للإنسان العادي بأنها هي الكمان ذاتها

آلة التشيللو
تسمى (الفيولنسيل) أيضاً وهذه الكلمة إيطالية وتعني (الباص الصغير)، ويستخدمها العازف وهو جالس إذ يضع الآلة بين ساقيه وهي مرتكزة على الأرض بوساطة قضيب معدني مثبت في أسفل صندوق. ظهرت آلة التشيللو بشكلها الحديث للمرة الأولى في أوروبا عام 1560، وتحديداً في إيطاليا، من صناعة (أندريا أماتي) صانع الوتريات المشهور. وكان طولها 75 سم، وطول الوتر 69 سم، وطول القوس الذي يعزف به من 71 إلى 73 سم، وبقيت هذه المقاييس معتمدة حتى الآن. وتتصف أصوات التشيللو العالية بالحدة والنفوذية أما أصواتها الخفيضة فتتصف بالعمق والامتلاء، فيما طبقتها المتوسطة وهي الأكثر استعمالاً فتتصف بالغنائية الفياضة.

آلة الكونترباص

ظهرت آلة التشيللو بشكلها الحديث للمرة الأولى في أوروبا عام 1560، وتحديداً في إيطاليا

وهي أكبر آلة ضمن عائلة الكمان، طول الآلة 115 سم، وطول الوتر بحدود 105سم، وطول القوس بحدود 67 إلى 70 سم. وظهر شكلها الحالي في أوروبا مع بدايات القرن السابع عشر، وقد أضيف إليها وتر رابع، وكثيراً ما نراها عند بعض العازفين المنفردين مزودة بوتر خامس، ويعزف عليها والعازف بحالة الوقوف أو الجلوس على كرسي مرتفع، وهي مرتكزة على الأرض بوساطة قضيب معدني مثبت في أسفل صندوق الآلة، صوتها ممتلئ ثقيل، وتستطيع الكونترباص أداء جميع أشكال فنيات القوس كما هي باقي الوتريات، إلا أنها تحتاج إلى بعض المهارة من العازف نظراً لضخامة حجمها.. دخلت آلــة الكونترباص إلى الأوركســــــترا في القـرن الثـــامن عشر.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار