إلى متى تبقى غاباتنا رهينة الحرائق وفي مهب الريح؟
حماة- محمد فرحة:
جل الحرائق التي نشبت هذا العام والأعوام الماضية ناجمة عن فعل فاعل، ولذلك لا تصنف من الكوارث الطبيعية، رغم أنها تشكل لاحقاً كارثة بيئية على الطبيعة ومكوناتها، بل تشكل تلوثاً وهذا التلوث آفة العصر، نظراً لما يلحقه في البيئة.
فما يلحق بغاباتنا من اعتداءات بشتى أشكالها وأنواعها جريمة بكل معنى الكلمة، ومن يراها عكس ذلك فلا يدرك ما ستلحقه في الطبيعة وعلى المحاصيل الزراعية مستقبلاً من متغيرات مناخية وتداعياتها الخطيرة، ولذلك لا بد من نبذ ما يجري لغاباتنا، ففي يوم واحد الأسبوع الفائت طالت أربعة حرائق في وقت واحد غابات ريف مصياف، فقط واحدة منها غير مقصودة، حيث كنا في موقعها وندرك السبب..
أما باقي الحرائق الثلاثة فهي من فعل فاعل بقصد أو غير قصد ففي الحالتين عبث وعدم إدراك وعدم تقدير الأمور عندما يشعل البعض النار بالقرب من الغابة وما قد ينجم عن ذلك فيما لو خرجت الأمور من تحت السيطرة..
مدير الحراج في مجال زراعة حماة المهندس عبد الكربم محمد الذي رافقناه لأكثر من ساعتين وسط الحريق كان منظره ومنظر مدير زراعة حماة أشرف باكير كمن خرج من منجم فحم..
ليوضحا لنا صعوبة ما يعاني منه عمال الحراج وإخماد الحرائق فبعضهم شبه حفاة، أكلت النار ورمادها أحذيتهم، ومنذ الصباح وحتى الساعة السادسة بعد الظهر لم يذوقوا الغذاء، وسط لهيب النار ..وحرارة الشمس.
وأضاف المهندس عبد الكريم إنهم يعانون أثناء التوجه لإخماد هذه الحرائق من شح مخصصات المحروقات لدرجة صعوبة وصول الآليات وتحركها في موقع الحريق أثناء إخماده..
وعن تفاصيل الحرائق الثلاثة الذي أجريناه من وسط حريق غابة السنديان في ريف مصياف أوضح عبد الكريم محمد والمهندس أحمد ميرزا وآخرون بأن هذا هو اليوم الثالث الذي ينامون فيه بموقع الحريق لمراقبة أدق تفاصيله، لأن عملية الإخماد تحتاج لأكثر من ٢٤ ساعة للتأكد من عدم وجود بؤر نارية تحت الرماد..
وأشاروا إلى ضعف الآليات وتدني أجور عمال الإطفاء التي لاتتعدى ال ١٥٠ ألف ليرة لا تشكل ثمن حذائه الذي احترق وهو يطفئ الحريق، وكأن المعنيين يريدون قططاً من خشب تصطاد دون أن تأكل..
وختموا حديثهم بأن وجود أربعة حرائق في يوم واحد وبساعات متقاربة يربك جداً، ويصعب التقديرات ووضع الأولويات متزامناً مع ضعف الإمكانيات، مطالبين الأهالي بمزيد من الوعي وتقدير الأمور وصون الغابات التي هي ثروة حقيقية بكل معنى الكلمة..
بالمختصر المفيد: لم نر تفاعلاً من قبل الأهالي ولا من قبل المعنيين في هذه الحرائق الثلاثة، لكن بالمقابل قدموا كل المساعدة والمعدات وكانوا على تواصل مستمر لتأمين كل ما هو مطلوب وفقاً لحديث مدير زراعة حماة المهندس أشرف باكير.
لكن من غير المعقول أن تبقى آليات الإطفاء تحت رحمة شح المازوت، وكلنا يدرك أهمية عامل الزمن في إخماد الحرائق.
ويبقى الأهم من كل ذلك تعميق دور الثقافة والتوعية على أهمية الحفاظ على الحراج وتفعيل دور التشاركية مع المجتمع الأهلي لصون الغابات ومن دون ذلك سيبقى عرض مشهد مسلسل الحرائق مستمراً .. وهذا مؤسف..