انخفاض مثير للقلق بإنتاجية القمح.. جدل وتنازع آراء لم يكشف خفايا “الصناديق السوداء”..

حماة-  محمد فرحة:

حال الانتهاء من عملية حصاد محصول القمح الاستراتيجي، وجمع الكميات التي تم تسويقها قياساً مع المساحات التي تمت زراعتها، ستكون الصدمة لمن يعنيهم الأمر، إن بقيت كامل الحواس مدركة  لحجم الكارثة، عندما يكتشفون أنها لم تلامس أو تقترب من العامين الماضيين، رغم ضعفها فيهما، ودائماً ماكان دعم المحصول، مهما كانت تكلفته، يبقى أقل من تكلفة استيراده.
فمن السلبيات التي تقع فيها وزارة الزراعة دائماً، أنها ما إن تنتهي عملية زراعة المحصول وتمطر السماء حتى تبدأ أول التبصيرات والتنجيم بأن إنتاجنا سيكون هذا العام كذا وكذا، من دون الأخذ بعين الاعتبار ما قد يرافق المحصول من جائحة أو متغيرات مناخية.. إلخ.
وكي لا نطيل في السرد، سنقدم مجموعة آراء قدمها لـ”تشرين” عدد من المعنيين عن الشأن الزراعي، وتحديداً محصول القمح لهذا العام، وهي عملية تقص في مجالي زراعتي حماة والغاب.

شكوى فلاحية عاجلة لوزارة الزراعة
رئيس اتحاد فلاحي حماة حافظ سالم،  وفي معرض جوابه على سؤال “تشرين”، ما إن كان إنتاج هذا العام يلبي الطموح الذي كان متوقعاً أم لا؟ بيّن مختصراً: لي صديق كان زرع ١٠٠ دونم قمح، حصد منها ٦ أطنان، وبعملية حسابية يكون إنتاج الدونم ٦٠ كغ. وتساءل: هل هذا اقتصادي برأيكم؟ لقد كان هذا العام هو الأسوأ.
وعندما طلبنا منه التوضيح أكثر أجاب: دعنا نلتقي عند عضو المكتب التنفيذي لقطاع الزراعة، فقد أعددت مذكرة عاجلة سنرسلها لوزير الزراعة وسأطلعك عليها.

غرق محصول القمح في منطقة الغاب أدى إلى انخفاض الإنتاجية للدونم الواحد من ٥٠٠ كغ إلى ١٧٥ كغ وسطي

فكان أن التقينا في المكان المشار إليه وأعطاني المذكرة التي جاء فيها: السيد وزير الزراعة، إشارة إلى ما تقرر في اجتماع اللجنة الزراعية بجلستها تاريخ ٩/ ٦ / ٢٠٢٤ والمحضر المسجل الصادر بتاريخ ١٢/ ٦ / ٢٠٢٤ حول ما تقدم به رئيس اتحاد فلاحي حماة ومجالس الروابط الفلاحية  بالكتاب رقم / ٩٢ /  المتضمن  طروحات ومداخلات الحضور في اجتماع مجلس اتحاد فلاحي حماة أيضاً، حيث طالبوا بضرورة تقسيط الديون لمدة عامين وإعفائهم من الفوائد المترتبة، ونتيجة للظروف الجوية التي سادت في محافظة حماة وتسببت بغرق محصول القمح في منطقة الغاب، ما أدى إلى انخفاض الإنتاجية للدونم الواحد من ٥٠٠ كغ إلى ١٧٥ كغ وسطياً.  وهذا سيؤدي إلى عجز في سداد الديون المستحقة على الفلاحين الذين استجروا مستلزمات إنتاجهم ديناً ، علماً أن تكلفة الدونم الواحد تعادل مليوناً و٣٠٠ ألف ليرة، فأي إنتاج هذا وأي هامش ربح سيبقى أو بقي للفلاحين؟ ماشكل كارثة حقيقية لهم.
وهنا لابد لنا من تعليق بسيط على هذه النقطة مؤداه: لقد كانت “تشرين” تسأل هيئة تطوير الغاب بعد كل هطولات مطرية غزيرة ما إن كان لها تأثير سلبي على المحصول وإنتاجيته، فكان جوابهم دائماً  لا أبداً، لقد تم تصريف الماء ولم يؤثر الغمر على المحصول، وهم الذين كانوا مشغولين بأمورهم الأخرى وفقاً لما ذكره لنا المهندس مشهور أحمد من منطقة سهل الغاب.

البعض يتهم البذار.. فهل هو بريء؟
عدد من المزارعين شككوا في جودة البذار  وعدم تحسين سلالة الأصناف المزروعة، وليس لدينا أصناف تقاوم المناخ ولا عالية الجودة، رغم كل ما قيل ويقال يومياً في مجال البحوث العلمية الزراعي، وإنما حجم المنتج وكميته يتوقفان حصراً على جودة الخدمة وتوافر المستلزمات المطلوبة للمحصول، أي إعطاء الدونم حاجته الفعلية من السماد ومواد المكافحة وعملية الري.
لكن حول هذا الرأي ذكر لنا موظف في إكثار البذار بأنه في قرية بيرين قام مزارع بجني مئة كيلو فقط من الدونم الواحد، رغم أنه قام بسقاية المحصول ثلاث مرات ولم يقصر بما يلزم ذلك.
من ناحيته، نفى مدير إكثار بذار حماة المهندس عثمان دعيمس  نفياً قاطعاً أن يكون البذار سبباً جوهرياً في تراجع إنتاج وحدة المساحة، بل العوامل الجوية التي سادت في الأيام العشرة الأخيرة من شهر آذار، وتناقضاتها، وهي السبب وراء ذلك، وهذا  ما أكده أيضاً رئيس اتحاد فلاحي حماة.

عبء على الفلاحين
من جانبه، أوضح الدكتور والخبير الاقتصادي الأستاذ في الجامعة الوطنية الخاصة إبراهيم قوشجي أنه أيّاً كانت الأسباب في تراجع إنتاجنا من القمح هذا العام أو الأعوام السابقة واللاحقة، فإن  انخفاض  مردودية القمح، سوف يؤدي إلى انخفاض “الصافي” للمزارعين،  ما يؤثر على معيشتهم بشكل كبير، هذا من جهة، ومن جهة ثانية، سوف تصبح زراعة القمح عبئاً على الفلاحين وتجعلهم يتوجهون نحو  المزيد من الزراعات.

تكلفة الدونم الواحد تعادل ١.٣ مليون ليرة

وتطرق الدكتور قوشجي إلى أن  محصول القمح استراتيجي بامتياز ، ومنذ عدة أعوام  كان لدينا مخزون فائض بسبب دعم هذا المحصول.
وأضاف: إذا استمرينا في نفس النهج، فسنبقى نستورد القمح لزوم حاجة صناعة الرغيف، فدعم المحصول  يبقى أقل تكلفة من استيراده.
صحيحة  ١٠٠% 
من ناحيته كتب إلينا المهندس المختص في الصناعات الغذائية من منطقة سهل الغاب مشهور أحمد في معرض جوابه على سؤال ما إن كان ما يتناقله المزارعون بأن  التراجع كبير في إنتاج القمح في مجال سهل الغاب، موضحاً أن الخبر صحيح ١٠٠% والإنتاجية  كانت كارثية  على الفلاحين في مختلف المحاصيل الزراعية.
وزاد على ذلك معللاً الأسباب، بأنها وفقاً لرأي الأغلبية، تعود إلى طبيعة الأمطار  وزمن هطولاتها، إضافة إلى عدم قدرة الفلاحين على إعطاء الأرض حقها من الفلاحة والسماد ومكافحة الحشرات والفطريات.
خاتماً حديثه بأن الوحدات الإرشادية تتحمل قسطاً من المسؤولية لتأخرها في تنبيه الفلاحين في الوقت المناسب إلى خطورة ما قد يلحق بالمحصول.
بالمختصر المفيد: يتساءل البعض ما جدوى كل هذه الملتقيات الزراعية “الجرارة” التي تقيمها وزارة الزراعة في المحافظات ويتبعها فيض من الصور، من دون أن نرى مردوداً على أرض الواقع؟ ، بذريعة أنه يجري التحضير للخطة الزراعية القادمة، ولنا في كل السنين  السابقة أسوة غير حسنة في كل ذلك.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار