%52 الزيادة في سعر السلعة بين أول حلقة والمستهلك.. خبير: تحجيم تكاليف انسياب وتسويق السلع هو الخيار المتاح حالياً
دمشق – آية محمد:
تشهد الأسواق موجة غلاء مستمرة، ويطول ارتفاع الأسعار معظم السلع الاستهلاكية والغذائية، الواقع اليوم أن الأسعار في الاقتصاد المحلي باتت محررة، وهو أمر قديم نوعاً ما قبل الأزمة، وضمن معادلة العرض والطلب، ثمة محاولات عديدة لاستمرار ضبط الأسعار من أجل مصلحة المواطن، لكن الآن في السنوات الأخيرة، والصعوبات التي أفرزتها الحرب والحصار والعقوبات التي فرضت، بات هناك نوع من الخلخلة والعشوائية في الأسواق، لعدة عوامل خارجة عن الإرادة، منها صعوبات الاستيراد والتصدير والنقل وأجور والشحن. بالإضافة إلى إصرار التاجر للحصول على علاوات كبيرة ومجزية وترميم رأس ماله أمام الارتفاعات المتوالية في سعر الصرف، إذ ثمة سلسلة متوالية وحلقات تبدأ من المستورد وتنتهي عند تاجر المفرق لتصل إلى المستهلك بأسعار مرتفعة.
اليوم تعاني شريحة من السوريين من عدم قدرتها على تأمين قوتها اليومي في ظل الفجوة الكبيرة بين الأجور والأسعار، وإذا أردنا أن نتحدث بواقعية، فمن الصعب ضبط الأسعار بسبب تذبذب التكاليف، وتالياً لا يوجد حل مهما نادينا بضبط الأسعار، والحل الوحيد المتوافر، هو أن يحمي المستهلك نفسه ويبحث على التاجر الذي كما يقال “يخاف ربه”.
أسواق وأسعار
الدكتور عابد فضلية أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق، بين أن الجهات الحكومية ذات الصلة بالأسعار، بدأت منذ أكثر من ٣ سنوات برفع الدعم الاستهلاكي جزئياً، باتجاه واضح نحو تحرير الأسعار نهائياً، حسب الظروف وفي إطار خطة زمنية غير محددة، وذلك لتقليل من عجز الموازنة، وأيضاً تخفيف العبء عن الخزينة (التي شحت مواردها) بسبب الظروف الصعبة من جهة، ومن جهة أخرى مازال الوضع النقدي والاقتصادي والسوقي والمالي غير مستقر عموماً، وخاصةً ما يتعلق بالقيمة والقوة الشرائية لليرة السورية، التي ترتبط عموماً بمستوى أسعار القطع الأجنبي غير الثابتة والتي تتجه عموماً نحو الارتفاع أو الرفع المفتعل لغاية المضاربة، فهذا الأمر يؤدي حتماً إلى عدم الاستقرار، أو ارتفاع الأسعار العشوائي المستند إلى محددات غير ثابتة، الأمر الذي يجعل التسعير فوضوياً ويختلف ما بين مستورد وآخر، ومابين تاجر وآخر، إلا أن تذبذب الأسعار هذا هو غالباً باتجاه الرفع بشكل عام، والضحية دائماً هي المستهلك الذي لم يعد بإمكان الجهات الرقابية حمايته، ولا حتى أحياناً من طبيعة سلوكه الاستهلاكي والشرائي.
لذلك يرى الدكتور فضلية في هذا الإطار أنه لابد من التدخل لحماية المستهلك وعقلنة سلوكه تجاه البائعين والأطراف الأخرى في السوق ورفع وعيه الاستهلاكي والشرائي، لاقتاً إلى أن تحقيق ذلك يقع على عاتق الجهات الإعلامية وعلى نجاعة جهودها وجهود الجهات الرقابية والتربوية في إيصال الرسائل التوعوية إلى كل المستهلكين.
السبل والوسائل
عموماً لا يخفي د.فضلية عند سؤاله عن ضرورة إيجاد السبل والآليات التسويقية التي يمكنها أن تحمي المستهلك من الاستغلال، بأن أهمها يتمثل في تحجيم تكاليف انسياب واكتمال السلسلة التسويقية والتي يكمن بين كل مفصل من مفاصلها نسب من الربح، التي تتراكم كتكلفة يدفعها المستهلك في المحصلة والذي حسب بعض الدراسات والآراء المختصة يدفع دائماً هذه الزيادة في السعر الناتجة عن أرباح مفاصل السلسلة التسويقية التي تقدر بأكثر من ٥٢% من قيمة السلعة، لذلك يمكن هنا اقتصار السلسلة التسويقية عندما يكون ذلك متاحاً.