حين رثى الشَّاعر الروسي الكبير «ألكسندر بروخانوف» غزّة
إدريس هاني
من قال أنّ غزّة لن تشّق نفقاً بين اللُّغات لتثير دفائن الشّعور، وتسكن القصيدة السُّلافية عن جدارة وألم؟ ها هي غزّة وقد غدت قصيدة تُنظم بسائر البحور وما بعد البحور، لتصبح أيقونة الأرض التي تأوهت كونيّاً، وسالت من تحتها أودية من دم ونار ورثاء.
يرسم الشّاعر والأديب والمناضل البوتيني الصّلب ألكسندر بروخانوف، صورة موحية عن غزّة قبل الطوفان، قصّة عشق سُلافي يفيض بمعاني الوفاء والتّضامن الصّادق، كما في قصيدته رثاء لغزّة، ألكسندر بروخانوف كاتب روسي من مواليد 1938، رئيس تحرير صحيفة «زافترا» الشهيرة، سلّمه الرئيس فلاديمير بوتين وسام الدولة «ألكسندر نيفسكي» لعام 2023، كما حصل على أوسمة، واحدة منها جائزة لينين للكومسومول عام 1982 عن روايته: شجرة في وسط كابول، ويعدّ من الداعمين الرئيسيين لبوتن، وهو صاحب فكرة الإمبراطورية الخامسة.
ولأنّه عبّر عن أنّه لم يستطع أن يمنع يومها الموت عن غزّة، فقد نظّم هذه القصيدة التي غنّاها الفنّان الروسي غريغوري كريكنيوف، القصيدة كما ترجمها الشّاعر الفلسطيني عبد الله عيسى، هي تصلح للتعبير عن غزة في أطوار الإبادة كلها التي تعرّضت لها من قبل ومن بعد، يقول ألكسندر سوركوف:
غزة!
يا كوكباً يتلّوى بألسنةِ النارِ
أينَ سأهربُ من لعنةِ الرعبِ؟
ها يدُ طفلٍ شهيدٍ تُمَدّ إليّ
لتنجو من الموتِ تحتَ الدمارِ.
هذا هو الياقوتُ محترقٌ
وفي جرحي المُدمّى
جعلوا بيتنا القديمَ قبري
وبفأسٍ بِسِت رؤوسٍ
قطعوا شجري وداسوا زهري.
من قلبِ الجرحِ الساخنِ في الجسدِ المُشظّى
ينزف الدمُ القرمزيّ
و في غزّةَ، هذه الأنفاقُ السُّوداء
تفضي إلى كَنَفِ السماء
عندما ألهبتِ النارُ ذيلَ الصاروخِ
وأبرقَ الرعدُ مرتجفاً في الفضاء
رفعتني الأرضُ أعلى
لأحرقَ دبابةَ الميركافا الإسرائيلية
وبشقّ الأنفسِ ظلّ يهمسُ
أنا ابن هذا الشّعبِ الحرِّ حرٌّ
حرّ.
هي ذي روحي الخالدةُ خالدةً
حريّتي السماويّة
حريّتي أنّي حرّ وحر
وقريباً من المدفعِ الدمُ حارّاً يسيلُ
جروحي تعذّب روحي
ودرعيَ القرآنُ
من رصاصٍ يثقبُ صدري.
وطني الحبيبُ المُباركُ
حتّى بينَ البيوتِ والسلالمِ المحطّمة
وفوقَ أكوامٍ من الدروعِ المتفحّمة
يضيء الهلالُ الإلهيّ
وطني المُدمّى
أمي ارتقتْ بقذيفةٍ شهيدة
وأنا أضمّد جرحي
أعِدّ سلاحي لحربٍ جديدة.