انطلاقة مُتعثرة لقمح دير الزور.. غلاء مستلزمات زراعته وعدم كفايتها يضع موسمه على المحك!!

تشرين- عثمان الخلف:

يواجه فلاحو دير الزور معوقات عدة تتكرر مع بدء موسم زراعة محصول القمح كل عام، وإذ بدا الغلاء الذي يطول مستلزمات عملية إنتاجه رأس هرم تلك المعوقات، فإن تأخر صرف قيم محصول القطن للموسم الحالي أضافت معوقاً إضافياً يحول دون تمكن الفلاحين من تأمين التمويل اللازم لزراعة القمح، ناهيك عن عدم توفر السماد والوقود الزراعي بشكلٍ كافٍ.

الغلاء في تصاعد
يُسجل هذا العام عزوفاً ملحوظاً عن زراعة القمح حتى الآن وهو ما أكده معنيون بالشأن الزراعي، فما يتكبده الفلاح من تكاليف يأتي أعلى من المردود، لاسيما بالنسبة لذوي الحيازات الصغيرة، فيما الإقبال يبدو أكبر لدى مالكي الحيازات ذات المساحات الأكبر ، علماً أنهم في الغالب مُستثمرون لأراضٍ مُستأجرة من أصحابها، وحسب حديث  فلاحين  ل” تشرين ” فإن تقديرات تكلفة زراعة دونم القمح الواحد تصل إلى 1,5 مليون ليرة، وربما أعلى، وبما أن المردود مرتبط بالإنتاجية، وهذه الإنتاجية كي تكون عاليّة لابد من أن تحظى بريات كافية وسماد كافٍ، فإن الموسم هنا سيكون كما يُقال على (كف عفريت) وسط مخاوف من ألا يُحقق القدر الذي يخرج الفلاح منه رابحاً.
وأضافوا : ” إلى الآن لم يتم توزيع سماد بالسعر المدعوم من قبل فروع المصرف الزراعي، ولم يُحدد سعره، وإذا ما لجأنا للسماد بالسعر الحر فإننا سنضطر لشرائه بمبلغ يتراوح ما بين 355 – 400 ألف ليرة لصنف “اليوريا”، أما صنف سماد  “النترات” فإن الكيس الواحد منه يصل سعره إلى 285 ألف ليرة وأكثر، مع الإشارة هنا لمشكلة الحصول على الوقود الزراعي بالسعر المدعوم، إذ بات عليك الانتظار لرسائل البطاقة الذكيّة، فلا كميات الوقود المخصصة تكفي، ولا السماد بالسعر المدعوم كذلك، والفلاح يضطر لشراء المادتين بالسعر الحر، وهذه المشكلة منذ سنوات وليست بالجديدة، وفي الوقت الذي حدد فيه المكتب التنفيذي أسعار الحراثة للدونم الواحد من القمح ب85 ألف ليرة، غير أنها على أرض الواقع تراوحت ما بين 135 – 150 ألفاً، وما من ضابط لها.

واقع حال
عضو المكتب التنفيذي في اتحاد فلاحي ديرالزور رمضان حاج حمد أكد أن المقرر من كميات الوقود الزراعي للدونم الواحد حسب وزارة الزراعة هي 5 ليترات، فيما ما تم استلامه من قبل من وصلتهم رسائل البطاقة الذكيّة هو ليتر واحد أوعدة ليترات، وهذه الكميات إن بقيت على هذه الوتيرة فهي غير كافيّة بالمطلق، علماً أنها مخصصة حسب القرار لأربع ريات، والمتوافر لدينا من مادة الوقود هو 120 ألف ليتر، أما بالنسبة لمادة السماد فلا تزال كمياتها دون المطلوب، هذا إن لم نأت على أسعارها، ففي الغالب يلجأ الفلاح لشرائها من السوق السوداء بأسعارها الكاوية.
من جانبه لفت مدير فرع إكثار البذار المهندس جهاد شعبان إلى وجود حالة عزوف عن زراعة القمح، مشيراً إلى أن الكميات الموزعة من بذار القمح للآن مُنخفصة مقارنةً بموسم العام الفائت، حيث كانت بمثل هذه الفترة عاليّة، فما تم استجراره من قبل الفلاحين لا يصل لنسبة النصف، رابطاً الأمر من جهة بارتفاع تكاليف زراعة القمح، وعدم توفر السيولة الماليّة لدى الكثير من الفلاحين كنتيجة لتأخر صرف قيم محصول القطن.
فيما أشار مدير المصرف الزراعي المهندس محمد العكل في حديثه ل”تشرين” إلى أن تأخر صرف ثمن محصول القطن هو مسؤولية مؤسسة حلج وتسويق الأقطان، وليست المشكلة لدى مصارف دير الزور، موافقاً ما تحدث به فلاحون من شكاوى لجهة مادة السماد، فما يتوافر لدى المصرف – والكلام للعكل – لا يتجاوز 440 طناً، فيما الحاجة الفعليّة لمحافظة دير الزور تصل إلى 7 آلاف / طن، مبيناً أن التسعيرة الجديدة للسماد لم تصدر بعد.

توسع .. ولكن
ما يُسجل منذ تحرير دير الزور هو توسع إدخال المزيد من الأراضي الزراعيّة دائرة الاستثمار، سواء بالنسبة للقطاع الخاص أو التعاوني أو الري الحكومي، وبالتالي
تأمين زراعة المحاصيل الاستراتيجيّة من قمح وقطن إلى بقية أنواع الزراعات الصيفيّة والشتوية، وبحسب
مدير زراعة دير الزور المهندس ياسر السليمان فإن المخطط زراعته من القمح يصل إلى 30618 ألف/هكتار، لمجمل القطاعات المذكورة آنفاً، ووفرت عمليات تأهيل قطاعات الري الحكومي مساحات أوسع على هذا الصعيد، إذ تصل في القطاع الثالث إلى 10905 آلاف هكتار ، وفي الخامس 3565 ألف هكتار، والقطاع السابع 7582 ألفاً، ومن المقرر إدخال ما مساحته 1176 هكتاراً دائرة الاستثمار ضمن قطاع الوفاء، والذي من المقرر تشغيله نهاية العام مع انتهاء أعمال التأهيل من قبل مديرية التشغيل والصيانة.

مع التذكير هنا بأن المساحة الكليّة للأراضي القابلة للزراعة في المناطق الآمنة تصل إلى 48 ألف هكتار، تُزرع بمختلف أنواع المحاصيل، غير أن ما يحد من إمكانيات التوسع يبقى حاضراً لجهة الغلاء وارتفاع تكاليف مستلزمات العمليّة الزراعية، وهذا يتطلب جهوداً كبيرة للتخفيف على الأقل من آثارها للحد المقبول.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار