درعا تزخر بالعديد منها.. طواحين الماء إرث حضاري يحتاج إلى التفاتة
تشرين- وليد الزعبي:
تزخر مواقع عدة في محافظة درعا وأهمها المزيريب وتل شهاب بتربع عدة طواحين مائية أثرية، كانت أقيمت قبل زمن طول على مجاري المسيلات المائية والشلالات التي كان يتواجد الكثير منها في وادي اليرموك بالريف الغربي من المحافظة، لكن هذه الطواحين تأثرت كثيراً بالعوامل الجوية على مدار سنين طويلة، كما تعرضت لتعديات من ضعاف النفوس بالتنقيب العشوائي بحثاً عن لقى أثرية أو بفك حجارتها واستخدامها لغايات مختلفة، ويرى متابعون أن تلك الطواحين سواء التي على سفح أو في قاع وادي اليرموك أو الطاحونة التي تقع في بلدة المزيريب، تحتاج إلى التفاته تحافظ على ما تبقى من تلك الطواحين لما لها من قيمة تراثية وأثرية.
الدكتور محمد خير نصر الله رئيس دائرة آثار درعا، أوضح أن محافظة درعا تزخر بالكثير من المعالم الأثرية التي تعود إلى حقب زمنية موغلة في التاريخ، وتؤشر إلى تعاقب الكثير من الحضارات على بلادنا، ومن ضمن تلك المعالم الكثير من طواحين الماء التي كانت تستخدم في طحن الحبوب، وفي مقدمتها طاحونة المزيريب التي تعود ملكيتها للمديرية العامة للآثار والمتاحف، وهي تقع إلى الغرب من قلعة المزيريب بنحو ٤٠٠ م، وأقيمت من طابقين (قبو وأرضي) في القرن الثامن عشر الميلادي على بحيرة صغيرة ذات ينابيع قوية، وهي منفذة بأسلوب معماري متميز وجدارانها مبنية على طبقتين من الحجر البازلتي المشذب بعناية من الخارج والتي يرجح أنها رومانية، كما وفيها أعمدة حجرية مربعة الشكل تتوزع وسط البناء إضافة إلى أقواس مقببة كأساس لبناء السقف.
أما طواحين بلدة تل شهاب الحجرية فهي تقع بمحيط شلالاتها على مساحة تقارب كيلو متر مربع واحد، وهذه الطواحين أملاك خاصة غير مسجلة، وكانت تستخدم بطحن الحبوب لسكان المناطق المجاورة حتى فترة المائة سنة الماضية، وهي مبنية من الحجر البازلتي وأسست على الصخر الطبيعي وأغلب سقوفها بنيت على شكل نصف دائرة طولاني، وتعود في تاريخها إلى مابين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين، وقد أشار شوماخر أثناء زيارته للمنطقة بوجود أكثر من ٣٥ طاحونة مائية، أما حالياً فلا يوجد منها سوى ١٧، منها ٨ لا زالت محافظة على جملتها الإنشائية نوعا ما، وهو ما يؤكد تهدم بعضها خلال القرن الماضي، وهذه الطواحين معروفة بأسماء عند أهل المنطقة، ومنها التلية وفوق التلية وأم غزلان والمعلقة وأم خنزير وشعلة والرفاعية والبديوية وأم تينة.
وذكر رئيس الدائرة أن الظروف التي سادت خلال سنوات الحرب على سورية أخرت أعمال الترميم التي كانت تتم للعديد من المواقع الأثرية، فيما جرى استئناف تلك الأعمال للطارئ منها بعد تحسن الظروف، لافتاً إلى أنه عندما تتاح الإمكانات الملائمة سيتم العمل على متابعة ترميم ما أمكن من مختلف المواقع وفق سلم أولويات، مع إمكانية النظر بترميم طاحونة المزيريب المسجلة والتي تعود ملكيتها للمديرية العامة للآثار والمتاحف، وأهاب بالمجتمع المحلي استمرار التعاون من أجل الحدّ من التعديات التي يمكن أن تحصل على المواقع الأثرية، لكونها ثروة لا تقدر بثمن، وهي ليست ملكنا وحدنا فقط بلد ملك للأجيال القادمة.