الوجه الجمالي للحياة
تشرين- د.رحيم هادي الشمخي:
لا شك في أن أي مجتمع في العالم يتكون من عدة شرائح تمثل الأطفال والفتيان والشبان، الكهولة والشيخوخة، ومن أهم الشرائح شريحة الشباب، فمن أين جاءت هذه الأهمية؟
إن أهمية الشباب العربي تنطلق من أهمية كونهم قوة اجتماعية فاعلة في بناء الحياة، ووضع مقوماتها في كل الميادين الأساسية في السلم والحرب، نظراً لكون مرحلة الشباب تشكل قمة الطاقة الإنسانية العضلية مما يحتاجه البناء، أما إذا انضم إليها النضج الفكري فهي تمثل الطاقة الواعية، التي تعطي أفضل النتائج للمجتمعات العربية، كما أن هذه الفئة تمثل الجانب الجمالي الذي يوثق وجه الحياة، لأن الشباب هم الشريحة المتفائلة التي يتجسد فيها الجانب الضاحك من الحياة، بعكس الشرائح الأخرى التي يتعمق عندها الشعور بمفارقات الحياة فيقل تفاؤلها، وتالياً يطغى عندها الشعور بتفاهة الدنيا، ومن ثم يضعف عندها الاهتمام ببناء الحياة، فالوجه الجمالي للحياة مفتقر لدور الشباب، كما أن الشباب أكثر مواكبة لتطور الحياة نظراً لقرب عهدهم بفترة التطور التي يعاصرونها -والحياة في تفاعل متطور- فكل جيل من أجيال الشباب العربي يجسد نقطة التقاء، بين مرحلة الجيل السابق والفترة المتوقعة التي قد تستفيد من تجارب الماضي، وتواجه به تطلعات وتوقعات الطموح الشاب، ولهذا ولغيره كانت مرحلة الشباب من المراحل المهمة التي يوليها الفكر القومي العربي والوضعي أهمية كبرى.
ومن الناحية التربوية لابدّ من حلّ لمشكلة الفراغ الفكري للشباب، وسدّ الطريق أمام الغزو الثقافي والفكري، ومن هنا لابدّ من العودة إلى الإيمان بحبّ الوطن، وفي هذه الحالة نكون قد وجهّنا كثيراً من طاقات الشباب نحو الفطرة من جهة، ثم التقدم الشيء المناسب لمصلحة الفرد والمجتمع من جهة أخرى، أيضاً فيما يتعلق بالناحية الفكرية فهذه الطاقة المخزونة عند الشباب العربي لابدّ أن توجّه، وهذا السلاح إما أن نوجهه نحو الخير، وإما أن يفلت من أيدينا ويتوجه نحو الشر، وبتعبير تربوي لابدّ من تفريغ الطاقة، وذلك بنواحٍ إيجابية للفرد والمجتمع والأمة، من ذلك توجيههم إلى الفروسية والرياضة والسباحة، أيضاً لابدّ من أن ننتبه إلى موضوع الإعلام ووسائل الإعلام والفنون، إذ يجب أن نراعي جانب الشباب فيها، بأن نبعدهم عن المثيرات التي تشوش أفكارهم، والتي تستخدمها وسائل الإعلام الغربية، وذلك بما يحفظ شخصيتهم وهويتهم الثقافية العربية من الضياع، والأهم من ذلك فتح قنوات تفاهم مع الشباب، وإجراء حوار حكيم وأسلوب جيد بما يحفظ لهم شخصيتهم، ويشعرهم بكيانهم مع سلامة المسار، ومتابعة كل ما يقومون به من أمور تتعلق بتراثهم وأمنهم وأصالتهم وأرضهم، وتفنيد كل ما يطرحه الغرب الاستعماري بساحتهم بحكمة وعلم ومن دون غوغائية وجهل.
وأخيراً أود أن أقول كلمة للشباب: (أيها الشباب، لن تعرف قيمة الشباب إلّا عند الهرم والشيخوخة، فلا وقت للتثاؤب، وما أجمل الشباب بحكمة الشيوخ وخبرة الكبار مع همتهم وحيويتهم).