واشنطن تتعمّد التصعيد لإطالة أمد الحرب !

ميشيل كلاغاصي

تبدو من أغبى المناورات والمحاولات السياسية تلك التي لجأت إليها الولايات المتحدة وكيان العدو الإسرائيلي وتركيا وعدد من الدول الأخرى لجهة التصعيد المتعدد الجوانب في سورية لتحقيق جملة أهداف عسكرية واستراتيجية ، من خلال المراهنة على انشغال موسكو بالمواجهة مع حلفي ناتو وحلف “الاتحاد الأوروبي” .
بالتأكيد، هي مراهنة مخادعة ، فروسيا العتيدة القادرة على قيادة العالم ، لا يمكن لها أن ترتبك بهذه السهولة ، حتى مطلقو هذه الأكاذيب لا يصدقون أنفسهم , لكنهم يستغلون الأمر إعلامياً , وتستغله تل أبيب لأسباب داخلية تتعلق باقتراب انهيار حكومتها الحالية , وبأسباب خارجية ترتبط مباشرةً برفضها التوصل للاتفاق النووي الإيراني – الغربي ، ومحاولة فرض إرادتها وهيمنتها على المنطقة التي تمارس فيها غطرستها وألاعيبها بفضل جبن أنظمة التطبيع والاستسلام , ومن رأوا فيها جاراً وصديقاً ونديم كأس الخيانة للدولة والشعب السوري , والقضية الفلسطينية والحقوق العربية , والهوية والانتماء العربي.
ومع ذلك , تحاول مساعدة سلطة الكيان الغاصب , تحت عنوان فتح “جبهة ثانية” لمواجهة روسيا في سورية ، وهذا بطبيعة الحال , لا يسوّغ الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سورية تحت هذا العنوان الإضافي , ولا يسوّغ وقاحة استهداف مناطق سكنية مدنية , ومطار دمشق الدولي.
وقد وصلت الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة الاستفزازية حداً لا يحتمل , أثار غضب وقلق القيادة الروسية , ودفع وزارة خارجيتها لاستدعاء السفير الإسرائيلي في 15 حزيران , وتم إبلاغه ضرورة وقف هذه الاعتداءات , وأن المبررات الإسرائيلية لقصف مطار دمشق الدولي غير مقبولة وغير مقنعة , وبأن موسكو تنتظر المزيد من الإيضاحات.
في وقتٍ نددت فيه كل من روسيا وإيران وتركيا ، كدول ضامنة لعملية “أستانا”، بالاعتداء الإسرائيلي عبر إصدار بيان مشترك , أكد وجوب وقف الغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة على الأراضي السورية , وبأنها تنتهك القانون الدولي وسيادة سورية والدول المجاورة وتهدد الاستقرار والأمن في المنطقة , كما شدد البيان بشكل خاص على أن استخدام إسرائيل الطائرات المدنية غطاءً للعدوان على الأراضي السورية يعد انتهاكاً صارخاً للقواعد الدولية ويعرض حياة المدنيين للخطر.
حتى صحيفة “وول ستريت جورنال” , اعترفت بالتنسيق ما بين “إسرائيل” والبنتاغون عبر قياداته الموجودة على الأراضي السورية , بموافقة أعضاء حاليين وسابقين في الإدارة الأمريكية , وبأنه تمت مراجعة العديد من الاعتداءات الإسرائيلية قبل تنفيذها , والموافقة عليها من قبل كبار مسؤولي القيادة المركزية الأمريكية والبنتاغون على مدى السنوات الماضية , وبأن واشنطن لا تعترض على تلك الاعتداءات ما دامت لا تعارض مصالحها وأهدافها الفعلية في سورية .
وهذا يتماشى مع طبيعة الممارسات الأمريكية على الأراضي السورية , من خلال وجودها الاحتلالي العدواني ,من دون أي أساس قانوني أو أممي وحتى أخلاقي .. وعليه لم تتوقف مناشدات الدولة السورية ومطالبتها الأمم المتحدة لإنهاء وجود قوات الاحتلال الأمريكي على الأراضي السورية , خاصة أن ممارسات الولايات المتحدة قد فضحت نفسها وأظهرتها للعالم على حقيقتها كدولة مارقة , تبحث عن السيطرة وسرقة ثروات الدولة والشعب السوري , وبأنها لا ترقى إلى مستوى ادّعاءاتها بمحاربة الإر*ه*اب الذي صنعته بنفسها واستجلبته نحو الداخل السوري ودعمته وسلّحته , وتقود جرائمه وتحميه , وتدعم بالتوازي الميليشيات الانفصالية في شرق البلاد ، وتغطي ممارساتها الإر*ها*بية.
إضافة إلى النفاق الأمريكي والإسرائيلي , أعلن الرئيس التركي في أيار الماضي ، عزمه على تنفيذ عملية عسكرية خاصة جديدة ضد من تصنفهم تركيا بالإر*ه*اب*يين وإنشاء مايسمى “منطقة أمنية” حدودية تنسف الاستقرار والأمن في سورية ،لطالما رفضتها سورية وحلفاؤها ، بتأكيد ، المبعوث الرئاسي الروسي الخاص للتسوية السورية ألكسندر لافرنتييف بأن :”هذه العملية لن تحل المشكلة” ، و”ستخلق تهديدات جديدة لا تصب في مصلحة سورية وتركيا وإيران والعراق” , إضافة إلى المساعي الدبلوماسية التي يقوم بها وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان ، لكبح الحلول العسكرية , وإيجاد الحلول السياسية , بما يضمن إنهاء الحرب على سورية , وطي صفحة الإر*ه*اب والإر*ها*بيين , وتعزيز وضمان الاستقرار في المنطقة.

صحيح أن هناك جهوداً دولية لإيجاد حل للوضع في سورية ، والمتمثلة بجولات التفاوض السوري – السوري في أستانا , ونور سلطان حيث عقدت اّخر النسخ , بالصيغتين الثنائية والثلاثية في 15-16 حزيران ، مع ممثلين من روسيا وإيران وتركيا، وبمشاركة مراقبين أمميين ، والمبعوثين الأردنيين ، وممثلي المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ، واللجنة الدولية للصليب الأحمر.

لكن , تبقى النية الحقيقية لإيجاد الحل السياسي , تقع خارج إطار أغلبية الحاضرين , والخاضعين بطريقة أو أخرى للرغبات والأوامر الأمريكية , التي ما زالت تسعى لإطالة أمد الحرب على سورية , وتستمر بسرقة ثرواتها من الأقماح والنفط , وبإدخال أطنان الأسلحة بشكلٍ يثير الريبة , حول الجهات التي تصلها الأسلحة الأمريكية , خصوصاً أن واشنطن لا تزال تقدم دعمها الكامل لتنظيم د*اع*ش الإر*ه*ابي والميليشيات الانفصالية , وتستمر بحصار الدولة والشعب السوري , وهي جهة وطرف أبعد ما يكون باحثاً عن الحل السياسي السلمي , على الرغم من أكذوبة الرئيس بايدن ووزير خارجيته بلينكن , منذ بدء الحملة الانتخابية الرئاسية حتى اليوم , وبأنهم يبحثون عن الحل في سورية .
لا يمكن للولايات المتحدة أن تبحث السلام في سورية وغير مكان , فالسلام الحقيقي يقضي على سياستها الخارجية , ويقف حائلاً أمام تحقيق أهدافها ومصالحها خارج حدودها , بما لا ينسجم مع حقيقة ساستها المتطرفين الجدد , وأطماعهم , وسياساتهم العدائية الدموية المتطرفة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
المقداد: العدوان الإسرائيلي على غزة أسقط شعارات الغرب ومزاعمه وكشف نفاقه وافتقاره للقيم الإنسانية أعمال تنتيج مواد شهادة التعليم الأساسي لا تزال مستمرة والإعلان عن موعد إصدار النتائج قبل 48 ساعة 1200 فيلم وسيناريو تقدّم للمشاركة في مهرجان كوثر الدولي السينمائي في إيران "الزراعة" تناقش الخطة الزراعية المقبلة: وضع رقم إحصائي ومراجعة بروتوكول إنتاج بذار القمح والترقيم الإلكتروني لقطيع الثروة الحيوانية برنامج ماجستير تأهيل وتخصص في التنمية المجتمعية بالتعاون بين الجامعة الافتراضية السورية ومؤسسة التميز التنموية إطلاق أول اجتماع لشرح آليات تنفيذ دليل التنمية الريفية المتكاملة في طرطوس وزارة الداخلية تنفي ما يتم تداوله حول حدوث حالات خطف لأشخاص في محلة الميدان بدمشق على خلفية مشكلة خدمة دفع الفواتير عبر الشركة السورية للمدفوعات.. "العقاري": السبب تقطع في خطوط الاتصال وتم الحل المشهد الأميركي- الانتخابي والسياسي- يتخذ مساراً تصاعدياً بعد محاولة اغتيال ترامب.. لماذا إقحام إيران؟.. بايدن يُمهد لانسحاب تكتيكي ويلمح إلى هاريس كـ«رئيسة رائعة» أول تجربة روسية للتحكم بالمسيرات عبر الأقمار الصناعية