“بقعة ضوء 15” هل استعاد بعضاً من بريقه الخافت؟!
منذ عرضه في موسمه الأول وتتالي أجزائه، أجمع النقاد على أهمية مسلسل “بقعة ضوء” باعتباره شكّل منعطفاً مهماً في مسيرة الكوميديا السورية، سواء من حيث الطروحات المقدمة للوحات أو في الإنجاز الإبداعي لكتّابه، والتي مهدت لإنجاز العديد من الأعمال الدرامية فيما بعد، إضافة إلى تعدد الرؤى الإخراجية من جهة تعاقب كبار مخرجي الدراما للعمل فيه والتي بدأت مع المخرج الليث حجو ثم هشام شربتجي وناجي طعمي وزهير قنوع وعامر فهد وسيف الشيخ نجيب، والذين استحضروا مزاج التجريب من جهة تقنيات الكاميرا والإضاءة وتعدد أماكن التصوير ناهيك باستقطاب نجوم الدراما والفن في سورية وتجاوزها في بعض الأجزاء لنجوم من الدول العربية ..
ملامح متغيرة
ولكن مع بدء الأزمة السورية بدأت ملامح الكتابة الإبداعية للوحات العمل بالتغير وتأخذ منحى آخر من جهة تناول الواقع المأزوم ومنعكساته على المواطن السوري، إضافة إلى نكوص عدد من نجومه الذين آثروا الابتعاد عنه ليكونوا نجوماً في أعمال درامية محلية وعربية، مبررين ذلك عدم وجود لوحات تضاهي جودة ماقدم فرغم قصرها كان لها تأثيرها القوي في نفوس الجمهور، واتهم البعض أن اللوحات وقعت في مطب التكرار فلا نصوص ترقى إلى المحاكاة الحقيقية والإبداعية لما يعيشه المواطن ولا ملامسة لوجعه الذي يزيد نتيجة العبء الاقتصادي الذي يكاد يخرجه من جلدته..
تبني وانسحاب
ومع بروز جزء جديد هذا العام وتبني الفنان أيمن رضا للمشروع بعدة مخرجين شباب هم مجيد الخطيب،عمرو علي، ورد حيدر، علي المؤذن، محمد مرادي ورامي ديوب ومحاولة تقديم العمل بحلة جديدة وشكل بصري مختلف، أطلق الفنان رضا فضيحة مدوية بانسحابه من مشروعه بعد سبع حلقات مبرراً ذلك أن الشروط التي وضعها لم تلتزم بها الشركة المنتجة من جهة الإنتاج العالي والنصوص المدروسة والابتعاد عن التهريج، إضافة إلى وصفه للمخرجين الشباب بالمبتدئين مكللاً هذا الانسحاب بجملة:” اللوحة يلي بتعجبني بشتغل فيها، والمخرج يلي بيعجبني بكمل معاه” ..
ذكاء درامي
وبدت محاولة إحياء هذا العمل بدماء الشباب ناجعة في بعض اللوحات فيما بعضها الآخر لم يرتق إلى المستوى المطلوب فبعد مرور أكثر من عشرين يوماً على وجوده على الشاشة، نجد اعتماد اللوحات على الكوميديا السوداء فما يعانيه الناس من ظروف اقتصادية صعبة سخّرها كتّاب الدراما وصاغوها عبر اسكيتشات تحاكي الضحك بألم، وذهب بعضها بالوجع إلى تجاوز الخطوط الحمراء مستفيدين من ارتفاع سقف الرقابة التلفزيونية، ما مهد لظهور أفكار جديدة أكثر جرأة طوعت بذكاء درامي وبصري لفتت انتباه المشاهد السوري هذا العام وهي نقطة تسجل لصالح العمل الذي يحاول استعادة بعضاً من بريقه الخافت، وقدم بتنوع لافت إضاءات سريعة على بعض القضايا التي يرزح تحتها المواطن السوري، وبدا غالباً على اللوحات الموضوع الاجتماعي والاقتصادي خاصة مع ظهور إشكاليات جديدة يعانيها المواطن سواء من موضة الرسائل للحصول على المواد التموينية وأزمة الكهرباء والوقود أو حتى لقمة الخبز التي باتت أقصى هموم الفرد..
رؤى شبابية متعددة
بالانتقال إلى الرؤية الإخراجية وجدنا اختلافاً بصرياً واضحاً في لونية اللوحات، وفي أسلوب توزع الكاميرات وطريقة التصوير والتي مهرت ببصمات خمسة مخرجين شباب بأمزجة مختلفة، مع اعتماد التكثيف بأمكنة التصوير وهو ماجمّل بعض حلقاته بعدم تكرار الأماكن، ربما كان هناك بعض الهّنات في مجال الطرح الكتابي إنما حاول مخرجوه تلافي ذلك بذكاء اللقطات وكان واضحاً اعتماد بعض اللوحات على تقديم لوحات سينمائية بكاميرات تصوير تلفزيونية لتغدو كأفلام سينمائية قصيرة خاضعة للمزاج التلفزيوني وهو ماجيّره بعض المخرجين من تجربتهم في المجال السينمائي لخدمة اللوحة فنياً ودرامياً..
وبرغم الانتقادات لمسيرة هذا العمل إلا أنه نجح هذا العام باستقطاب نجوم الدراما السورية الذين يصرون على التواجد في هذا المشروع الفني الكوميدي كمكان لتجريب ملكاتهم الإبداعية بأسلوب تكثيفي، واستعراض عضلاتهم كممثلين لهم وزنهم في مجال الكوميديا التي تعد المجال الأصعب في الدراما ..
وضم العمل هذا العام نخبة من الفنانين في مقدمتهم كل من :أيمن رضا ،فايز قزق، شكران مرتجى، أحمد الأحمد، وفاء موصلي، جمال العلي، محمد قنوع، كرم الشعراني ، مازن عباس، معن عبد الحق ، روبين عيسى..وغيرهم