ما بين الحلم والأداء تركوا بصماتهم.. دماء الشباب تجدد الدراما السورية وتعد بالأفضل

يرسمون حلمهم عبر الشخصيات التي يجسدونها لعلّها تترك أثراً في ذاكرة متابعي الشاشة، وما بين الأمل والنجاح والرغبة بالتواجد وتحقيق حضور لهم يبذلون طاقاتهم في رسم ملامح الشخصية شكلاً، ويغوصون في دراستها مضموناً لتظهر كما يجب أن تكون، هكذا هم فنانونا الشباب هذا العام .. وجوه جعلتنا نتابعها بشغف عبر الملامح التي رسموها لشخصياتهم وقدرتهم على التلون في الأداء، هذا التمايز المهم الذي حققته الدراما السورية جاء من رهان المخرجين على خياراتهم الجديدة وزج شركات الإنتاج لهم بأعمالهم الضخمة، ما شكّل انعطافة مهمة في الموسم الدرامي.
البداية مع مسلسل «كسر عضم» الذي حظي منذ الحلقات الأولى بمتابعة عالية نتيجة الطرح المباشر، فمنذ المشاهد الأولى بنت المخرجة رشا شربتجي حكاية العمل بمواقف صادمة مبتعدة عن أسلوب السرد التعريفي بالشخوص الدرامية وارتباطهم ببعضهم، فحظيت شخصية “يارا” التي قدمتها الفنانة الشابة ولاء عزام بنسبة مشاهدات عالية، فالقلق النفسي والإرهاصات التي عاشتها كل ذلك انتقل إلى ذروته بعد إقدام عشيق والدتها على قتل الأخيرة أمامها ومحاولتها مواجهته في صراع درامي مشّوق، أدخلنا عتبة الحدث بصيرورته عبر مشهد مؤثر أكسبها تعاطف الجمهور، ولتنقلنا كاميرا المخرجة بسوريالية مدهشة إلى عوالم الشخوص الأخرى وارتباطها ببعضها في العمل.
الأمر ذاته مع الفنان كرم الشعراني الذي فاجأنا هذا الموسم بتنوع أدواته وشخوصه في الموسم الرمضاني وقدرته على التماهي في الشخصيات المركبة واللعب على أوتار الترقب والانتظار للمشاهد، ولعلّ الصادم بأدائه خروجه من عباءة شخصية “عزمي نسوان” الشاب الدلوع والراقص في “جوقة عزيزة” ليكون النقيض تماماً في شخصية (أبو مريم) الذراع اليمنى لـ”الحكم” الذي لعب دوره الفنان فايز قزق كمارد المصباح محقق الأمنيات في زمن الحرب، وقد اختصر رواد التواصل الاجتماعي أداءه وشخصيته (بأنو الواحد محتاج شخص متل أبو مريم يحللو كل مشاكلو).
بينما يأخذنا بالأداء الفنان خالد شباط بوقوفه أمام نجمة الكوميديا الفنانة سامية جزائري في مسلسل “الكندوش2” الذي ينقلنا إلى مرحلة جديدة بعد الزواج، فهو الذي لا حول له ولا قوة أو كما يقال في العامية “مخو مسطل ومطفي”، وربما نستطيع إطلاق حكم (الأجدب) فلا رأي له ، كما أنه مضطرب مجرد الحديث, أمام هذه الشخصية المضطربة التي رسم معالمها بذكاء شديد، حيث تأخذنا الرأفة بوضعه وإيجاد عذر درامي بضرورة الطاعة لـ”الميمة”.
ولعلّ الأكثر اختلافاً على صعيد الشكل والأداء ولم ينل حقه في المتابعة الفنان “زامل الزامل” في مسلسل “بروكار 2” فعبر شخصية “غزال” قدّم لهجة ابن الفرات بـ(كاركتر) جديد فهو (القبضاي والزكرت) والشخص الذي يعرف ما يريد، واستطاع بليونته وحركاته لفت الأنظار إليه كخامة فنية واعدة مستفيداً من ذاكرته التي طوعها في خدمة الشخصية ما يعد بولادة نجم قادم..
فيما اختارت رنا كرم الخروج عن هدوئها المعتاد في مسلسل “على قيد الحب” فملامحها البريئة تغيرت واستطاعت استفزاز المشاهد منذ اللحظة الأولى بكشفها زواجها السري ومبررات ما قامت به، وربما نالت استعطاف المتابعين، إلا أن هذه العلاقة بدأت تداعياتها تطفو على سطح علاقتها مع زوجها، الذي أناط اللثام عن وجهه ليكشف عن وجه جديد، ولتدخل في مواجهة كبرى معه بعد خسارتها عائلتها، وتبدأ رحلة جديدة في إثبات الذات.
فيما ذهبت الفنانة حلا رجب عبر شخصية (أوصاف) إلى مساحات جديدة لم تقدمها سابقاً فشخصيتها المركبة جمعت بين الفتاة اللعوب المستغلة لأي رجل وبين خفة الظل بالإغواء، ليس على مستوى اللفظ فقط بل على صعيد الأداء الحركي والإغواء بالجسد، وبرغم الانتقادات التي طالتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي نتيجة عمليات التجميل على وجهها، إلا أن الرهان على الشخصية كان مختلفاً، وهو ما اشتغلت عليه كاميرا سيف سبيعي في مسلسله (مع وقف التنفيذ) الذي نال حظاً وافراً في المتابعة الرمضانية.
وابتعد الفنان يحيى بيازي عن قالب الشاب الأزعر الذي أُطِّرَ به، فظهر بشخصية الشاب عادل “المسطول” في مسلسل (جوقة عزيزة)، فهو الدرويش والمغلوب على أمره واستطاع بذكاء أن ينزع الفكاهة والابتسامة ويسخّرها لخدمة الشخصية سواء من ناحية المفردات المستخدمة أو حتى من ناحية الشكل..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار