«أزمة الغواصات» تتصاعد.. فرنسا تصفها «طعنة بالظهر» وأستراليا ترفض
تتصاعد الأزمة بين الولايات المتحدة واستراليا وبريطانيا من جهة وفرنسا من جهة ثانية على خلفية إلغاء أستراليا عقداً ضخماً لشراء غواصات من فرنسا واستبدالها بغواصات نووية أميركية بعد إبرام اتفاق أمني ثلاثي يضم واشنطن ولندن وكانبيرا.
وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان صرح أمس لمحطة فرانس2 التلفزيونية تعليقاً على قرار أستراليا قائلاً: إن هناك كذباً وعدم ثقة وأزمة فعلية مع أستراليا .. لم نتسلم منها طلباً خطياً بالإلغاء وهذا أمر يخالف العقد المبرم، واصفاً ما حصل بأنه “طعنة بالظهر”.
كما اتهم لودريان بريطانيا بالانتهازية في قضية الغواصات مشيرا إلى أن أزمة صفقة الغواصات ستكون لها تداعيات على مستقبل حلف شمال الأطلسي «ناتو» وقال: استدعينا سفيرينا من كانبيرا وواشنطن لإعادة تقييم الوضع أما بريطانيا فلا حاجة لإعادة سفيرنا فيها ليفسر الوضع.
وفي تعليقه على دور لندن في الاتفاق الأمني قال الوزير الفرنسي باستخفاف: بريطانيا ليست إلا طرفاً زائداً في كل هذه المعادلة، مشيراً إلى أنه سيتعين على حلف شمال الأطلسي أخذ ما حصل في عين الاعتبار لدى إعادته النظر في استراتيجيته خلال قمة مرتقبة في مدريد العام المقبل.
بريطانيا قالت من جانبها على لسان وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس إن الاتفاق الأمني الجديد مع أستراليا والولايات المتحدة يبرهن على استعداد لندن للتصلب في الدفاع عن مصالحها وإن الأمر يتعلق بما هو أكثر من السياسة الخارجية من الناحية النظرية ولكنه يحقق إنجازاً للناس في بريطانيا وخارجها بإقامة شراكة مع الدول ذات التفكير المماثل لبناء تحالفات قائمة على القيم المشتركة والمصالح المشتركة على حد تعبيرها.
أستراليا بدورها رفضت على لسان رئيس وزرائها سكوت موريسون اليوم الاتهامات الفرنسية لبلاده بـ “الكذب”، مشيراً إلى أنه طرح مخاوف بلاده حيال الصفقة قبل أشهر.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن موريسون قوله: إن الحكومة الفرنسية كانت تعلم أن كانبيرا لديها تحفظات عميقة بشأن موضوع الغواصات الفرنسية قبل فسخ اتفاقية الشراء الأسبوع الماضي، مضيفاً في رد غير مباشر على الاتهامات الفرنسية إنه كان لدى الفرنسيين كل الظروف لمعرفة تحفظات كانبيرا العميقة بشأن قدرات الغواصات من فئة الهجوم لأنها لا تلبي مصالح أستراليا الاستراتيجية.
كما أشار موريسون إلى أنه يتفهم خيبة أمل فرنسا إلا أنه قال: لست نادماً على قرار تفضيل مصلحة أستراليا الوطنية ولن أندم إطلاقا عليه، فيما اعتبر وزير الدفاع الأسترالي بيتر دوتون أن حكومته كانت “صريحة وواضحة وصادقة” مع فرنسا بشأن ترددها حيال الصفقة بينما أعربت وزارة الخارجية الأسترالية عن أسفها للقرار الفرنسي باستدعاء سفيرها في كانبيرا.
رئيس اللجنة العسكرية في حلف شمال الأطلسي الأميرال روب باور قلل من جانبه من أهمية المخاطر الناجمة عن قضية الغواصات قائلاً إنه يستبعد أن تؤثر هذه القضية على التعاون العسكري بين دول حلف «ناتو».
وفي المواقف الدولية وصفت الصين الاتفاق الأمني الجديد بين أميركا وبريطانيا وأستراليا بالتهديد “غير المسؤول إطلاقاً” للاستقرار الإقليمي مشككة بالتزام أستراليا منع الانتشار النووي ومحذرة الحلفاء الغربيين من أنهم يعرضون أنفسهم للخطر.
وكانت أستراليا أبلغت فرنسا بأنها ستلغي عقدها مع شركة “دي سي إن إس” المملوك أغلبها للحكومة لبناء 12 من أكبر الغواصات التقليدية في العالم وكانت قيمة العقد تبلغ 50 مليار دولار أسترالي أي ما يعادل 5ر36 مليار دولار أميركي عندما تم التوقيع عليه عام 2016 حيث أنفقت أستراليا 4ر2 مليار دولار أسترالي على المشروع منذ أن فاز الفرنسيون بالعقد إلا أن رئيس وزرائها أوضح أن تكنولوجيا الغواصات النووية الأميركية لم تكن خياراً متاحاً لبلاده عندما تم إبرام الصفقة الفرنسية.