لا لكل شبر..!

التعويل على القطاع الزراعي في إطار السعي للاعتماد على الذات نتيجة الإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على سورية حتّم منذ أعوام خلت التوجه لزراعة كل شبر من الأراضي المتاحة.
لكن على ما يبدو أن عدم القدرة على تأمين مستلزمات تحقيق ذلك الهدف، ولاسيما المحروقات والأسمدة والبذار دفعت الجهات المعنية لتخفيض مساحات الخضار المروية المقررة في الخطة الإنتاجية الزراعية للموسم القادم، وهو ما عدّه الفلاحون تملصاً من مسؤولية تأمين تلك المستلزمات.
بالنظر إلى الخطة المعتمدة يلاحظ أن التخفيض في مساحة الخضار الصيفية المروية فاق النصف قياساً بالموسم الفائت، فيما جرى تخفيض مساحة محصول البندورة بنحو الخمس والبطاطا الربع تقريباً، وإذا تم تطبيق هذه الخطة بحذافيرها فإن الإنتاج من المحاصيل سينخفض أكثر مما يعادل نسبة التخفيض السابقة، لأن ما كان ينفذ فعلياً في الأعوام الماضية أكبر من المخطط بنحو الثلث تقريباً، وهكذا فإن نصيب الفلاح من زراعة الخضار على الآبار المرخصة وشبكات الري الحكومية سيكون ضئيلاً جداً، ويفرض عليه استثناء مساحات من العملية الزراعية أو الابتعاد عن زراعة أخرى بعد حصاد القمح.
أمام كل ما تقدم، وفي ظل معرفة الجميع بأن الفلاحين لن يتوانوا عن زراعة كل شبر من أرضهم بغض النظر عن الخطة فإن الجهات المعنية من خلال تخفيضها الخطة المقررة للخضار وكأنها تقول لهم: إذا أردتم زراعة كل شبر تحملوا بأنفسكم التبعات المرهقة لتأمين المستلزمات الزائدة عن الخطة من محروقات وأسمدة وبذار من السوق السوداء وبأضعاف سعرها النظامي.
وإذا افترضنا أن الالتزام بالخطة المخفضة قابل للتحقق فما هو منعكس ذلك؟.. لا شك في أنه يعني انخفاضاً كبيراً في الإنتاج وقلة المعروض في الأسواق المحلية الذي سيتفاقم أكثر لاحتمال تزايد حركة التصدير للخارج، وفي المحصلة غليان كبير بأسعار خضار الموسم القادم أشدّ من غليانها الآن والمتضرر الأبرز من كل ذلك المستهلك «المنتوف» الذي سيكتوي بلهيبها.
إن التخلي عن هدف زراعة كل شبر يجافي المنطق ضمن ظروفنا الراهنة التي نحن أحوج ما نكون فيها إلى زيادة الإنتاج الزراعي وتأمين لقمة عيشنا ، وينبغي على الجهات المعنية إيجاد سبل تأمين مستلزمات الإنتاج التي تضمن عدم تفويت زراعة أي شبر من الأراضي المتاحة بدلاً من ترك المزارع يصارع وحده في تحمل مسؤولية ذلك.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار