الإطفاء.. من يخمد أوجاعه؟
ليس عملاً روتينياً أو تقليدياً ذلك الذي تقوم به أفواج الإطفاء، بل هو عمل على قدر عالٍ من المسؤولية يتجلى بتنفيذ مهام محفوفة بالمخاطر وسط النيران المشتعلة بهدف إخمادها ومحاصرتها في أضيق المساحات للحفاظ على الأرواح والممتلكات العامة والخاصة، وكذلك بالغطس ضمن المسطحات المائية مجهولة التضاريس وعديمة الرؤية لانتشال الغرقى، لكن هل تتوافر لهذه الأفواج مقومات العمل..؟
من أولى المشكلات التي تعترض عمل أفواج الإطفاء، التبعية للبلديات، حيث إن معظم الأخيرة لا تعير الأفواج التابعة لها الأهمية اللازمة لجاهزيتها من حيث تلبية متطلباتها واحتياجاتها وحقوق العاملين فيها، إذ تعاملها وكأنها كأي قسم عادي يؤدي عملاً روتينياً لا يرتبط بإنقاذ الأرواح والحفاظ على الممتلكات.
ومن جراء ذلك يلاحظ أن فوج إطفاء درعا على سبيل المثال لا الحصر لديه آليات لا تلبي جبهات العمل المتعددة والواسعة، وخاصة أثناء موسم الحرائق عند حصاد محاصيل كالقمح والشعير والحمص وغيرها، حيث إن الكثير من تلك الآليات متوقف عن العمل بسبب الأعطال وعدم القيام بالإصلاح بمبرر قلة الاعتمادات المتوفرة في البلدية، وفي وحدة إطفاء إزرع فإن سيارة الإطفاء الوحيدة الهرمة معطلة منذ أكثر من شهر، أضف لذلك نقص عتاد الإطفاء بشكل عام الذي بضعفه قد يتعقد العمل ويتأخر وتكون له تداعيات سلبية تضر بالجميع.
كذلك هناك معاناة من النقص الحادّ في الكوادر البشرية إن لجهة العدد أو لجهة الخبرة، حيث تراجع عدد رجال الإطفاء المؤهلين خلال السنوات السابقة بشكل كبير فيما لم يحدث أي ترميم عبر مسابقات لتلافي ذلك، وحالياً أغلبية من يُعتمد عليهم هم من عمال النظافة المؤقتين في البلديات الذين لا يمتلكون أياً من مهارات إخماد الحرائق والغطس لإنقاذ الغرقى، وحتى تعويض طبيعة عمل رجال الإطفاء ضئيل جداً لا يتواءم وحجم خطورته، كذلك بدل الاستنفار والوجبة الغذائية، كما أن اللباس لم يتم استلامه حتى الآن عن العام الفائت والحالي، ولا يتم تأمين حتى أسطوانة غاز تلبي حاجة المناوبين على مدار الساعة لإعداد وجباتهم المتواضعة.
ما تقدم يستوجب أهمية النظر الجاد بتوحيد المرجعية كإحداث هيئة خاصة على مستوى البلد باعتمادات مناسبة لتدير شؤون أفواج الإطفاء وتقدر حيوية عملها وتحرص على جاهزيتها وتلبية حقوق رجالها.. فهل نشهد في وقت قريب استجابة أم ستبقى اللامبالاة سيدة الموقف تجاه هذا القطاع المهم؟.