تسوّل منفلت
أينما تواجد المرء سواءً في الطريق أو الحديقة وحتى في المديريات وغيرها يصادفه أحد المتسولين، وهو ما يؤشر لاتساع الظاهرة التي أصبحت مهنة الكثيرين، فهذا يطلب ثمن دواء وتلك أجرة باص وغيرهما تستجدي الإسهام بإيجار منزل إلخ..
لا يمكن لأحد أن ينكر ضمن الظروف الراهنة أن هناك الكثيرين ممن لا يمكنهم سداد فاتورة العيش، لكن عزة النفس تمنع المحتاج فعلاً من اللجوء للتسول وخاصةً بأشكاله المعلنة، والمشكلة تكمن في أولئك الذين يمارسون التسول كمهنة برغم أنهم ليسوا في دائرة العوز، حيث إن أغلبيتهم بعمر الشباب ولا إعاقة تمنعهم عن العمل.
الأمثلة على امتهان التسول كثيرة, ولاسيما المشاهد المتكررة للمتسولات أنفسهن يومياً على الأرصفة, وهن يمارسن طقوس التسول باحتراف مع إطلاق رشقات من الدعوات لاستعطاف المارة, والحصول على المال، حتى إن بعضهن ينشرن أطفالهن المدربين بمحيطهن للغرض نفسه.
أيضاً عندما تدخل إحدى المديريات العامة يطالعك بشكل يومي ومتكرر الأشخاص نفسهم, وهم يطلبون المال بالقول: معك مئة أو مئتا ليرة، كذلك عندما تتواجد في أحد المحال أو العيادات فإن متسولين بعينهم يتكررون، ويتضح ذلك أثناء محاولة تحييدهم من القائمين على العمل لعدم إحراج الزبائن بالقول مثلاً: هذا القدوم الثاني لكم اليوم أو بالأمس أتيتم.. حتى إن بعض المارة يمازحون المتسولين عندما يتكرر لقاؤهم بهم وبالمطالب نفسها: ألم تسافر بعد.. بالأمس طلبت أجرة الطريق، كذلك ألم تشترِ الدواء.. بالأمس طلبت ثمنه وهكذا.
الخطورة تبرز ممن تجوب على المنازل بصور متسولات فيما دوافع بعضهن السرقة باستغفال أهل البيت, وخاصة في حال غياب الأب، كذلك أولئك اللواتي يطرقن أبواب المنازل مدعيات أنهن يقرأن الطالع، والنتيجة حدوث حالات خداع للنساء وتخليصهن أموالاً أو مصاغاً ذهبياً.
السؤال هنا: أين مكتب مكافحة التسول في مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل مما يحدث؟ ولماذا لا يتم التنسيق مع الجهات العاملة بالشأن الإغاثي لتشكيل فريق لتقصى حال هؤلاء المتسولين؟ وإن ثبت عوزهم فينبغي شمولهم بالإعانات الإغاثية، وخاصةً أن كلاً من فرع الهلال الأحمر العربي السوري وجهات حكومية وأهلية أخرى في درعا تنشط في هذا المجال ويفترض أنها لا تستثني أي مستحق.