آلاف الدونمات في السويداء استولى عليها النظام البائد وحرم مالكيها منها
الحرية- طلال الكفيري:
منذ أكثر من أربعين عاماً ومئات المزارعين في قرى وبلدات السويداء، بدءاً من عرمان شرقاً وانتهاء بمنطقة اللوا شمالاً، وهم ينتظرون أن يعيد لهم النظام البائد ملكيتهم في آلاف الدونمات الزراعية الموروثة لهم أباً عن جد منذ بدايات القرن الماضي، بعد أن قام بانتزاع ملكيتها منهم وتسجيلها أملاك دولة، ما أبقى السجال والجدال حول ملكية هذه الأراضي محتدماً بين الفلاحين المتلهفين لضم هذه الدونمات إلى حيازاتهم الزراعية والنظام المخلوع المتشبث بقراراته غير المنصفة.
ملك لهم حرام عليهم
بداية جولتنا كانت من قرى منطقة اللوا ” ذكير- خلخلة – أم حارتين- حزم” إذ يشير الفلاحون لصحيفة “الحرية” إلى أن النظام البائد استولى ومنذ حوالي 50 عاماً على مئات الدونمات من أراضيهم الزراعية، المستثمرة من قبلهم زراعة وفلاحة بالمحاصيل الحقلية منذ عشرينيات القرن الماضي، وأقام عليها مطار خلخلة العسكري، دون أن يدفع لأصحابها ليرة واحدة كثمن لهذه الأرض، علماً أن الأهالي لم يتركوا باباً قانونياً آنذاك إلا وطرقوه، بهدف أن يحصلوا على ثمن هذه الأراضي، إلا أنهم للأسف عادوا بخفي حنين، وما زاد الطين بلةً قيام النظام البائد في الأعوام الماضية بزرع ألغام حول المطار وعلى مسافات بعيدة، ما حرم الأهالي أيضاً من زراعة ما تبقى لهم من أراضٍ لم يستولِ عليها، خوفاً من هذه الألغام التي حصدت أرواح الكثير من المواطنين.
والآن لسان حال الأهالي يسأل: هل ستعود هذه الأراضي بعد سقوط النظام البائد إلى أصحابها؟ .
وتستمر المعاناة
كما لم يخفِ أهالي قرية السالمية معاناتهم الفلاحية مع النظام المخلوع الذي انتزع من ملكيتهم لحوالي 4 آلاف دونم من الأراضي الزراعية، مستصلحة ومستثمرة من قبلهم فلاحةً وزراعة منذ أربعينيات القرن الماضي، وهم منذ ذلك التاريخ يتصرفون بها تصرف المالك لملكه، إضافة إلى ذلك سبق أن تم منحهم قروضاً من المصرف الزراعي وفق سند الملكية الذي بحوزتهم، أي السند ١٦٠ سجل/٧/ . علاوة على ما ذكر فهذه الأرض قد ورثوها عن آبائهم وأجدادهم منذ أكثر من سبعين عاماً .
وأضاف الأهالي: إن استثمارهم لهذه الأرض استمر دون أي منغصات تُذكر، حتى مجيء فرقة المساحة إلى القرية عام ١٩٩١ بهدف أعمال التحديد والتحرير، ليتفاجأ المزارعون بعدها بأنه تم تسجيل هذه الأرض باسم أملاك الدولة، الأمر الذي حرم الأهالي من التصرف بها بيعاً وشراء، وبناء على ذلك فرضت على الفلاحين أجور بدل مثل، وصلت إلى حوالي خمسة ملايين ليرة حينها، علماً أن مزارعي هذه القرية لا مصدر لهم سوى الزراعة والفلاحة، وتعدّ قرية السالمية من أشد قرى المحافظة فقراً.
9 آلاف دونم أملاك دولة
ملف الأراضي التي انتزعها النظام البائد من عصمة أصحابها لم تقتصر على ما ذكر آنفاً، فها هم مزارعو قرية عرمان، شربوا كذلك من نفس الكأس، حين قامت فرق المساحة، ومنذ ثمانينيات القرن الماضي بتسجيلها، وهي حوالي 9000 دونم، باسم أملاك الدولة، علماً أن هذه الأراضي تمت زراعتها من الفلاحين بالأشجار المثمرة منذ خمسينيات القرن الماضي، وهم من حولها من بائرة إلى منتجة، والسؤال: هل من المنطق أن الفلاح الذي استصلح وزرع أن يكافأ بانتزاع أرضه منه، واعتباره متجاوزاً على هذه الأراضي وتطبق عليه أجور بدل المثل ونزع اليد؟.
قائمة انتزاع ملكية هذه الأراضي من الفلاحين لم تنته عند ما تم ذكره، فهناك مزارعو قرية سالة ونمرة وسهوة الخضر والقائمة تطول، فأصحابها هم من حولوها من بائرة إلى منتجة، ومع ذلك حكومة النظام المخلوع لم تراع ذلك واستمرت في استيلائها على هذه الأراضي.
إذاً الإنصاف ورفع غطاء أجور بدل المثل وإعادة الملكية لأصحابها مطلب سيبقى مفتوحاً ما دامت الأرض بعيدة عن حضن مالكيها.
ماذا يقول القانون:
المحامي سليم ذياب أوضح لصحيفة “الحرية” أنه بعد سقوط النظام من المفترض إعادة النظر بتسجيل هذه العقارات، فهي موروثة لهم أباً عن جد ومستخدمة ومستثمرة من قبلهم قبل صدور قانون أملاك الدولة رقم 252 لعام 1959 مع العلم بأن هذه العقارات كانت وما زالت تزرع بالأشجار المثمرة و بالمحاصيل الحقلية. وبالنسبة للأراضي التي استولت عليها وزارة الدفاع في النظام المخلوع “مطار خلخلة”، فهي حق للمزارعين، لكون الوزارة لم تدفع ثمنها لهم، ومن المفترض إعادتها لهم باعتبارهم أصحابها الحقيقيين.