من يحتفل بالذكرى الأولى.. يحتفل مطولاً
صالح ابراهيم:
المنطقة على عتبة مرور الذكرى الأولى ليوم السابع من تشرين الأول «طوفان الاقصى».. ومن المؤكد أن الذكرى الأولى لها أهمية توازي اليوم نفسه، أي قبل عام، يوم بدء عملية طوفان الأقصى.
لنعد قليلاً الى الوراء للتوصيف، ولنتذكر ذلك اليوم وإلى الآن بما له وبما عليه، كان يوماً عصيباً ورهيباً على الكيان ويوم نشوة وبداية نصر للمقاومة.
بعد الأيام الأولى تحولت الأمور الى منازلة مضبوطة ومحدّدة بالموازين الإقليمية والدولية لأسباب لا مجال لذكرها الآن، لكن من المؤكد أن العدو استفاد من تلك الضوابط والمحددات أكثر من محور المقاومة.
أولاً- لأن «إسرائيل» فوق الضوابط والمحددات.
ثانياً- لأنها عوضت أضعافاً مضاعفة ما تمتلكه من ترسانة أسلحة الدمار وحصلت على أسلحة جديدة خاصة بالخصوصية العسكرية الأميركية.
في خضم الصراعات الكبيرة أحياناً تلعب المصادفة دورها، كحادثة فقدان الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي وفريقه كاملاً بحادث تحطم المروحية التي كانت تقلّه في أواخر الشهر الخامس من العام الجاري، وهو الذي كان من المعروف عنه دعمه وفريقه للمقاومة ولعملية «طوفان الأقصى» بالتحديد.
ودخلت إيران مرحلة لملمة الجراح وإجراءات انتخاب رئيس جديد، وبدأت «اسرائيل» بلعبة التفاوض والوعود الكاذبة والمضللة، واستخدمت الدول الكبرى للمساعدة في هذا الدور، ومع الأسف تمكنت «اسرائيل» من النجاح في الدعاية والتضليل على مستوى العالم.
والمفصل الذي لا يقل أهمية عن المصادفة السابقة الذكر هو اغتيال إسماعيل هنية في قلب طهران وفي يوم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، ومن ثم توالت عمليات الاغتيالات الرهيبة لقيادات المقاومة في لبنان الى أن وصلنا الى استشهاد السيد حسن نصر الله في تاريخ السابع والعشرين من الشهر المنصرم، أي قبل عشرة أيام فقط من موعد الذكرى الأولى لعملية «طوفان الأقصى».
بعض تصريحات المسؤولين الصهاينة أوضحت أن اغتيال السيد حسن كان متاحاً قبل يوم الاغتيال بأسابيع، ما يعني أن التأخير كان لحسابات نتنياهو واستثماره بها كعادته على كل المستويات الداخلية والخارجية.
ولا يخفى على أحد جو التشاؤم والدهشة المصحوبة بالخوف والحزن الذي خلفه استشهاد السيد حسن نصر الله ورفاقه، وعلى التوازي كانت عربدة الإسرائيليين الإعلامية واضحة للداخل والخارج.
أسبوع فقط يفصل بين الإعلان عن استشهاد السيد وذكرى عملية طوفان الأقصى، وطبعاً هذا اليوم لن يكون كغيره من الأيام.
قيادة المقاومة تجاوزت الصدمة، وأدركت أنها أصبحت في سباق مع الزمن، ولن تترك الزمن ليصبح زمن نتنياهو وخصوصاً مع اقتراب الذكرى الأولى، فكانت عملية الرد الأولى على ثكنات ومواقع الجيش الإسرائيلي، وكان التصدي الناجح لرجال المقاومة على محاولة توغل قوات النخبة الإسرائيلية في الجنوب اللبناني.
ربما «نجح» نتنياهو الى حين، وفاز في بعض ما فكر به خلال قرابة العام المنصرم، حيث كان يريد أن يحتفل بمرور الذكرى الأولى بنصره الساحق وفعل ما باستطاعته، وأيام قليلة سترينا فشله من نجاحه.
المواجهات الحالية وتباشير النصر فيها على القوات الغازية برياً تُبشّر بأن قيادة عملية طوفان الأقصى مازالت قادرة ومصممة على الاحتفال بذكرى مرور العام الأول، لأنها تدرك أن من سيحتفل بها هذا العام سيحتفل بها لمئة عام قادمة.
وهذا ما كاد يفعله وينجح فيه نتنياهو، لكنه استعجل هدفه باستعجاله الغدر بسماحة السيد نصر الله، وفتح كل بوابات الصراع من دون محددات وضوابط.