اعتبر “هجرة القلوب إلى القلوب” و”خان الحرير” من أيقونات الدراما السورية المخرج سيف الدين سبيعي: هناك من يسعى لتعميم التفاهة عبر الدراما
تشرين- بديع صنيج:
صرح المخرج السوري سيف الدين سبيعي بأن من حق أي من صُنَّاع الدراما أن يصنع ما يريده، بإمكانه أن يطرح أفكاراً وقضايا ويحث الناس على التفكير، أو أن يصنع مسلسلاً كما يريد الجمهور، رغم صعوبة تحديد رغبات الجمهور فعلياً، أن يتضمن قليلاً من الفكاهة والسخرية مع قليل من العنف والميلودراما والأكشن…، ويستطيع أيضاً أن يبني عمله على التريند معتبراً ذلك نتيجة طبيعية لما نعيشه اليوم.
العربجي” مثل الكثير من الأعمال التي تُصنَّف خطأً على أنها شامية، في حين أنها مجرد حدوتات شعبية
وأوضح سبيعي أن الدراما هي نتيجة لما يحصل في الواقع، وواقعنا الآن ليس عادياً، وفيه من اللامعقولية الكثير، وهناك من يسعى لتعميم التفاهة عبر الدراما، وبالنسبة لي أحاول أن أقدم أعمالاً تتضمن تساؤلاً وجدلاً وفكرة حتى لو لم تكن جذابة جماهيرياً، وطالما أنني قادر على ذلك فأعتبر نفسي ما زلت في الطريق الصحيح، أما ما يصنعه الآخرون فهم أحرار به.
مسلسلات المشروع
وأضاف إنه لم تعد هناك مسلسلات يمكن أن نطلق عليها اسم مشروع، بل باتت كلها بزنس، حتى الأعمال التي تحمل شيئاً فكرياً في مضمونها فإنها تكون لخدمة هدف ما، لذلك أستطيع القول بأنه ضمن المسلسلات لم يعد هناك فن.
الفنانون غير قادرين على التأثير نهائياً والسياسيون هم الأقوى
وفيما يتعلق بمسلسله “مال القبان” الذي كتبه علي وجيه ويامن الحجلي وعرض في رمضان الماضي قال سبيعي: إن هذا العمل استطاع أن يخترق الشرخ الكبير بين السوريين على صعيد وجهات النظر والانتماءات السياسية.
وأضاف: اختفت البسمة من دمشق، ورغم البوادر التي تلوح في الأفق، إلا أنه إن أُصلِحَتْ المدن فكيف سيتم إصلاح النفوس، ونحن الفنانين غير قادرين على التأثير نهائياً، هذا وهم، والموضوع أكبر منا، السياسيون هم الأقوى دائماً.
موسيقى الحياة
وأوضح أنه بسبب تأجيل عرض “مال القبان” اشتغل كثيراً على ما أسماه “موسيقى الحياة”، خاصةً في الأسواق، من ناحية اختيار الأغنيات التي يضعها أصحاب المحلات، أو السيارات المارة، قال: كان دائماً هناك أصوات غناء لأم كلثوم أو عبد الحليم أو مقطع من برنامج يأتي خلال الصمت، هذا كله مقصود، وهذا ما يجعلني أقول إن (مال القبان) هو أهم ما اشتغلته ضمن هذا السياق، لأن مثل تلك التفاصيل الصغيرة تحول المشهد من عادي جداً إلى مشهد عظيم.
ضمن المسلسلات الدرامية لم يعد هناك فن
وصرَّح سبيعي بأن سعى في عمله “العربجي” لأن يتشبه بمسلسل “لعبة العروش” بالملامح العامة والموسيقى والغرافيك والأسلوب الإخراجي، معتبراً المسلسل الأمريكي مرجعية درامية على كل الأصعدة، ووصف “العربجي” بأنه مثل كثير من الأعمال التي تُصنَّف خطأً على أنها شامية، في حين أنها مجرد حدوتات شعبية، أما أعمال البيئة الشامية الحقيقية فهي مثل الحصرم الشامي وأولاد القيمرية وقناديل العشاق.
الشام ليست شوارب
وفي هذا السياق قال: الشام ليست شوارب محمود الفوال في مسلسل “أيام شامية”، ولا الأمانة في “ليالي الصالحية”، ورغم جمال العملين إلا أن الموضوع تحول إلى تاريخ بديل، لذلك هذا ما أوجب وجود مسلسلات تحكي عن الشام الحقيقية.
“العربجي” يتشبه بمسلسل “لعبة العروش” بالملامح العامة والموسيقى والغرافيك والأسلوب الإخراجي، معتبراً المسلسل الأمريكي مرجعية درامية
وعن مسلسل “تاج” لمخرجه سامر برقاوي ونص عمر أبو سعدة أوضح سبيعي أن فيه مشاكل توثيقية كبيرة، ولا يُغير منها استخدام تقنية الذكاء الصناعي لوجه “شكري القوتلي”، خاصةً أن اختيار الممثل خاطئ فهو قصير، بينما الرئيس القوتلي كان ضخماً، منوهاً بأهمية الحالة الإنتاجية التي قدمتها شركة الصباح من خلال هذا المسلسل.
أما رأيه في “ولاد بديعة” لكاتبي عمله “مال القبان” ذاتهما، فقال: مشكلة هذا المسلسل أنه اشتغل على عجل، كتابةً وتصويراً وعمليات إنتاجية… وهذا ظلمه فنياً، رغم الشعبية التي حظي بها، مبيناً أن علينا التأكيد بأن النجاح الجماهيري لا يعني بالضرورة الجودة الفنية والأمثلة باتت بالعشرات.
دمشق يا بسمة الحزن
وفي العودة إلى بداياته أوضح أن مسلسل “دمشق يا بسمة الحزن” هو الذي صنع شكل حياته الفنية كلها، وعن ذلك يقول: كان معي أشخاصا ظرفاء جداً، ودخلت هذا المسلسل عن طريق والدي رحمه الله، وكان عمري 18 سنة، ودوري كان 5 حلقات، وجسدت شخصية الشاب المتفهم ضمن عائلة دمشقية تقليدية. وكنت فاشلاً جداً في التمثيل حينها لارتباكي الشديد أمام الكاميرا، لكن الجميل أنني تعرفت على جلال شموط وحاتم علي وزهير رمضان، ورنا جمول، ونجاح حفيظ، لذلك كان المشروع جميلاً جداً، وفعلاً بعد الخمس حلقات بدأ مشواري، رغم أنني بقيت سنة كاملة لم أشتغل. وبعدها استدعاني ياسر العظمة لمرايا 1995.
مرايا الانتشار
وأضاف سبيعي: “أعتبر ياسر العظمة من الممثلين العباقرة، وكنت أحفظ مونولوجاته في مسرحيات غربة وغيرها، ومنذ مشاركتي تلك انطلقت مسيرتي كممثل، لأنني شاركت بكثير من اللوحات، ومرايا صنع لي انتشاراً عربياً، ثم أخرجت مرايا 2003، بعد خمس سنوات من التمرين مع المخرج هيثم حقي بخمسة أعمال مهمة جداً: “سيرة آل الجلالي”، “الأيام المتمردة”، “ردم الأساطير”، “قوس قزح” وتعاون فني معه في “الخيط الأبيض”، هذه الخمس سنوات ثبتوني على الأرض بأسلوب قوي جداً، فما عاد عندي خوف من فكرة الإخراج، معلمي الأول هو الفنان هيثم حقي وكنت معجباً جداً بأعماله ولاسيما “هجرة القلوب إلى القلوب” و”خان الحرير” اللذين أعتبرهما من أيقونات الدراما السورية”.