جرأة غير مسبوقة بارتكاب مخالفات البناء .. تتطاول على الطرقات ومختلف الأملاك العامة
درعا- وليد الزعبي:
إنها لجرأة كبيرة تلك التي تسود على صعيد ارتكاب مخالفات البناء في أرياف درعا، وهي لم تعد تقتصر على الإنشاء من دون رخص أو التعدي على الوجائب والتجاوز أحياناً بعدد الطوابق، بل أصبحت تستبيح الأملاك العامة من شوارع وحدائق عامة ومراكز إدارية وغير ذلك الكثير، وليس مستغرباً أن يتعسر مرور سيارتين متقابلتين في بعض شوارع بلدات المحافظة، بالرغم من أن عرضها على المخطط التنظيمي ٨ أو ١٢ متراً، والسبب هو مخالفات البناء القائمة على حرم وجسم تلك الطرقات.
استهجان
عدد من المواطنين عبروا عن استهجانهم لحالة الفلتان الحاصلة لجهة وقوع مخالفات البناء، وخاصة تلك التي تأكل الطرقات بشكل يتسبب في تشويه المشهد العام ويعوق الحركة ويتسبب أحياناً بوقوع حوادث لا تحمد عواقبها، وطالبوا بضرورة التدخل لوضع حدّ لمثل تلك المخالفات قبل أن تتفاقم وتصبح ظاهرة تشوه أغلب الطرقات وتصعب عبور الآليات من خلالها.
توسع التنظيم يتيح مقاسم تلبي حاجة السكن وتحدّ من مغبة المخالفات
دور غائب
ويرى مواطنون أن دور معظم الوحدات الإدارية في ريف المحافظة، يكاد يغيب تماماً عن تطبيق الأنظمة والقوانين النافذة لجهة كبح جموح مخالفات البناء، حيث إنها وبمسوغ الأحداث التي مرت خلال سنوات الحرب على سورية ضعف دورها كثيراً، ونادراً ما تتدخل سواء على صعيد قمع مخالفات عدم الترخيص والتعدي على الوجائب وتجاوز عدد الطوابق المسموح بها، أو على صعيد التعدي على الأملاك العامة، وهو الأهم، وفي مقدمتها الشوارع، وأملوا باستعادة الدور الفاعل بأسرع ما يمكن.
سلبية المجتمع
يضع البعض أعذاراً للوحدات الإدارية لجهة عدم قدرتها على ضبط مخالفات البناء بكل أشكالها، وفي مقدمة الأعذار الظروف السائدة وعدم إتاحتها الإمكانية لضبط ضعاف النفوس ممن يقومون بارتكاب مخالفات البناء، وهم يرون ضرورة أن يتخلص المجتمع المحلي من سلبيته ، لأنه المتضرر الأول والأخير من وقوع مخالفات البناء، وخاصةً منها تلك التي تتعدى على الطرقات وغيرها من الأملاك العامة ذات النفع العام، وأن يبادر لمساندة البلديات عبر لجان الأحياء المشكلة لديه، وكذلك الاستعانة بمؤازرة الجهات المختصة لقمع المخالفات التي استشرت بشكل لم يعد يحتمل.
إعادة النظر برسوم البلديات وأتعاب المهندسين ضرورة للتشجيع على الترخيص
كلف مرتفعة
من جانب آخر، يرى مهتمون بقطاع البناء أن بعض المواطنين يتهربون من الترخيص، ليس بهدف ارتكاب المخالفة، لكن للتخلص من عبء تكاليف الترخيص التي غدت مرهقة ليس لجهة الرسم الواجب دفعه للوحدات الإدارية فقط، بل لجهة الرسوم المرتفعة التي تترتب لنقابة المهندسين والتي تزيد كل فترة، وأملوا في هذا الشأن أن يتم النظر بتخفيض الرسوم لتشجيع المواطنين على سلوك الطريق السليم بالترخيص بعيداً عن مغبة ارتكاب المخالفة، علماً أنه بالترخيص يتم ضمان نشوء المباني على أسس هندسية وبشكل آمن، وبما ينسجم مع نظام ضابطة البناء المعمول به.
توسيع المخططات
ويأمل أهالي العديد من مدن وبلدات المحافظة بتوسع المخططات التنظيمية لتشمل مساحات جديدة تتيح للمواطنين محاضر أرض منظمة، يمكن البناء عليها تلبية لحاجة السكن المتنامية، وذلك ما يجنبهم أيضاً مغبة ارتكاب مخالفات البناء على الأراضي الزراعية، نظراً لقلة أو عدم وجود مساحات شاغرة ضمن المخططات التنظيمية القديمة يمكن أن تغطي تلك الحاجة.
التوسع بالتنظيم
رئيس مجلس مدينة درعا المهندس أمين العمري ذكر أنه وبناءً على أحكام القانون ٢٣ لعام ٢٠١٥ الخاص بالتنظيم العمراني، وبعد صدور المرسوم ١٤٠ في شهر حزيران من عام ٢٠٢٣ القاضي بإحداث منطقة تنظيمية في حي المفطرة بمدينة درعا، تم الانتهاء من أعمال اللجنة الخاصة بالتقدير البدائي، وكذلك الانتهاء من أعمال اللجنة التحكيمية (لجنة حل الخلافات) وجرت مخاطبة محافظة درعا بعد انتخاب ممثلين عن المالكين ليصار إلى مخاطبة وزارة العدل لتشكيل لجنة التوزيع الإجباري وهي آخر لجنة، حيث ستقوم بأعمال التوزيع الإجباري للمقاسم ضمن المنطقة التنظيمية المذكورة أعلاه على المواطنين الذين يحق لهم الاعتراض على أعمال توزيع إلى للجنة نفسها، وفي حال لم تستجب لاعتراضاتها يمكن أن تلجأ وتعترض لدى محكمة الاستئناف.
الالتزام بالمخططات الهندسية يضمن السلامة الإنشائية وأمان السكان
وبالنسبة للمنطقة التنظيمية الواقعة في الكاشف الشمالي بيّن أنها قيد إعداد وتجهيز المعاملة الفنية ليصار إلى أخذ موافقة الوزارة على المخططات، علماً أن المنطقة التنظيمية الأولى تتيح ١١٢٩ مقسماً سكنياً وهناك نسبة ٥% للسكن الشعبي، والمنطقة التنظيمية الثانية تتيح حوالي ١٣٠٠ مقسم سكني.
تنظيم ضبوط
وعن مخالفات البناء، أوضح العمري أن الوضع في معظم أحياء مدينة درعا يكاد يختلف إلى حدّ كبير عن باقي مدن وأرياف المحافظة، لكون المواطن يقوم بالحصول على رخص بناء، وأغلبية العقارات مفرزة ومنظمة ويوجد نظام ضابطة بناء معمول به ويتم الإلزام بتطبيقه, ولجهة بعض التجاوزات والمخالفات، إن وجدت، فإنه يتم تنظيم ضبوط فيها ومن ثم إحالتها إلى القضاء المختص أصولاً.
إلزام بالتراخيص
أمين سرّ فرع نقابة المهندسين في درعا المهندس موسى أبو زريق، أشار إلى ضرورة قيام الوحدات الإدارية بإلزام المواطنين بالتراخيص ولجميع الأغراض السكنية والتجارية والصناعية، وفي حال الامتناع يجب منع قيام أي مخالفات بناء، والقانون ٤٠ لعام ٢٠١٢ يلزم البلديات بهدم المخالفات فوراً والإحالة إلى القضاء المختص، علماً أن مخالفات كثيرة باتت تنشأ وفي مختلف المدن والبلدات من إشغال وجائب وحفر أقبية تحت أبنية والتعدي على الأملاك العامة.
دور المشرف
وفي حال الترخيص، ذكر أبو زريق أنه ينبغي الالتزام بالمخططات و مراقبة التنفيذ وتفعيل دور المهندس المشرف والمقيم، واستلام كل مرحلة من مراحل البناء بوثيقة إذن الصب، والتي تقع على عاتق البلديات بطلبها من المقاول أو صاحب الترخيص، والالتزام بالدراسات الهندسية المصدقة من نقابة المهندسين، والطلب بضرورة إجراء الاختبارات على مواد البناء بحيث تحقق المواصفات الفنية المطلوبة بالدراسات الهندسية للحصول على بناء سليم إنشائياً.
الأتعاب
ولجهة الأتعاب الهندسية، ذكر أمين السر أنها أرخص شيء، حيث تعتبر في نقابة المهندسين أن كلفة البناء تقدر ما بين ٢٥٠ و ٣٠٠ ألف ليرة لكل متر مربع، وهذا هو المعمول به حالياً في فرع نقابة درعا، بينما على الواقع فإن كلفة المتر المربع ١.٥ مليون ليرة على الهيكل، يعني الأتعاب لا تزال على تكاليف قديمة.
تشكيل لجنة مركزية للحدّ من تفشّي المخالفات بالتنسيق مع المجتمع المحلي ومؤازرة الجهات المختصة
عائق جديد
العائق الجديد، وفق ما ذكر أبو زريق، يتمثل بعقد المقاولة الذي أصبحت البلديات تطلبه من صاحب الترخيص، وطبعاً هو مجرد حبر على ورق من دون تفعيل، فقط يقبض المقاول النقود من دون أي جهد قبل توقيع عقد المقاولة، ولا يقوم بالتنفيذ ويترك صاحب الرخصة بالتنفيذ كما يشاء، علماً أن نقابة المقاولين تعتبر أن كلفة المتر المربع ١.٤ مليون ليرة عند حساب أتعاب المقاول، و٨٠٠ ألف ليرة على الهيكل.
لجنة مركزية
نظراً للظروف السائدة وعدم مقدرة بعض الوحدات الإدارية على قمع المخالفات، فإن الأمل يتجسد بضرورة تشكيل لجنة هدم مركزية على مستوى المحافظة، لتقوم وبمؤازرة الجهات المختصة وبالتنسيق مع المجتمع المحلي بأعمال قمع المخالفات الحاصلة في إطار عمل الوحدات الإدارية على مستوى المحافظة، علماً أن في ذلك مصلحة لجميع السكان من خلال منع التعدي على الطرقات التي يستفيدون منها جميعاً ومن خلال منع تشويه المنظر العام وعدم التعدي على الوجائب وتجنب الإضرار بالجوار لجهة الإنارة والتهوية وغير ذلك الكثير.