بمشاركة مقتنيات تعرض لأول مرة.. افتتاح معرض«الزجاج السوري عبر العصور» في المتحف الوطني
دمشق- سناء هاشم:
افتتحت وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح اليوم معرض “الزجاج السوري عبر العصور” للإضاءة على أهميته كإرث مادي يعود إلى آلاف السنين وذلك في المتحف الوطني بدمشق.
المعرض الذي يقام في إطار الفعاليات الثقافية التي تقيمها المديرية العامة للآثار والمتاحف في احتفالية اليوم العالمي للمتاحف، يسلط الضوء على أهم المقتنيات الزجاجية في خزائن المتحف الوطني بدمشق والتي اكتشفت في أهم المواقع الأثرية السورية كماري وإيبلا وأوغاريت وأصبحت جزءاً من التراث الثقافي وتعكس تاريخاً طويلاً من الابتكار والإبداع.
ويقدم المتحف خلال معرضه قطعاً نادرة من الزجاج السوري ويظهر تطور صناعة الزجاج في سورية عبر العصور.
الدكتورة مشوح وقالت في تصريح للصحفيين: إن مادة الزجاج اكتشفت في سورية بمملكة إيبلا، كما اكتشفت قطع أثرية تتالت العصور على صناعتها حسب المواد المستخدمة، مشيرة إلى أن المعرض يبرز دور سورية التاريخي وأسبقيتها في صناعة الزجاج وكيف أن الإنسان السوري هو أول من اكتشف المادة وصنعها لأغراض العبادة أولا ثم لصنع الحلي وادوات الزينة، ومن ثم للأدوات المنزلية.
وأضافت الوزيرة مشوح: ومن سورية انتشرت صناعة الزجاج على يد الفينيقيين، ثم حروب الفرنجة إلى الطرف الآخر من العالم، لافتة إلى أن نوعية القطع المعروضة وندرتها تجعل منها ثروة وطنية حقيقية للباحثين.
ويستمر المعرض الذي تحتضنه قاعة (قصر الحير الغربي) في المتحف الوطني بدمشق، حتى نهاية الشهر الحالي.
تحف زجاجية تعرض لأول مرة
ويمكن لزوار المعرض الاطلاع على قطع فنية استثنائية تعرض لأول مرة، وتظهر فيها دقة صناعة الزجاج ومدى تطورها في سورية من مختلف العصور، وإلى جانب ذلك يستعرض المعرض عبر شاشتين ضوئيتين مهارات الحرفيين السوريين وتقنيات صناعة الزجاج المتوارثة عبر الأجيال.
من جهته، كشف مدير الآثار والمتاحف، نظير عوض، في تصريح لتشرين، أن التحضيرات اللازمة لافتتاح معرض “الزجاج السوري عبر العصور” اليوم بدأت منذ عدة أيام وتضمنت تحضير الخزن واختيار القطع التي ستعرض وهي مجموعة منتقاة من المجموعات الزجاجية الموجودة أو مما يتعلق بصناعة الزجاج في المتحف الوطني.
وحسبما ذكر عوض، فسيقام على هامش المعرض سلسلة من المحاضرات العلمية عن تاريخ الزجاج وأنشطة اخرى.
وأوضح مدير الآثار والمتاحف أن المعرض سيجيب على أسئلة مهمة عن صناعة الزجاج وبدايتها، ودور سورية في هذه الصناعة، مضيفاً: “هناك العديد من القطع التي ستعرض لأول مرة من موقع أوغاريت والتي تعود للألف الثاني وتعطي فكرة عن ظهور الزجاج بداية كعجينة مستخدمة في طلاء الأواني، وكيف تطورت إلى ما وصلت عليه الآن”.
بدورها، شددت مديرة المتحف الوطني، الدكتورة ريما خوام، على أهمية المعرض التي تتمثل بالتعرف على تطور صناعة الزجاج السوري عبر العصور ومشاهدة أقدم التحف والمنتجات الزجاجية وأمهات الأواني الزجاجية وأجملها عبر الفترات الزمنية بين الألف الثاني ق.م والقرن التاسع عشر ميلادي، والتي اكتشفت في أهم المواقع الأثرية السورية كماري وإيبلا أوغاريت والتي تطورت على أيدي أجدادنا عبر التراكم المعرفي من مهارات وخبرات مكتشفة ومكتسبة.
أمينة متحف الشرق القديم الدكتورة ليلى السماك، قالت لتشرين: إن متحف آثار الشرق يشارك في المعرض بأقدم القطع الموجودة في كل سورية عبر نماذج من التمائم التي تمثل “الربة” السورية عشتار وأواني مميزة من موقع أوغاريت وأواني زجاجية مهمة من موقع ماري تظهر بداية تصنيع الزجاج وأواني مهمة من موقع إيبلا مصنعة من معجونة زجاجية كانت تستخدم لحفظ المواد الغالية الثمن.
بدورها، كشفت أمينة متحف العصور الإسلامية، الدكتورة نيفين سعد الدين، أن القسم الإسلامي يشارك في المعرض بمجموعة هامة من القطع الزجاجية منذ الفترة العباسية، مروراً بالفترات الأيوبية والمملوكية وانتهاء بالعثمانية وتمثلت بمجموعة من الكؤوس والصحون والمكاحل والقوارير وعدد من الوزنات الزجاجية التي صنعت بعدة طرق منها النفخ بالهواء والنفخ بالقالب وبطريقة السكب.
وعرفت صناعة الزجاج بالنفخ منذ القرن الأول الميلادي وتطورت وصولاً للفترات الإسلامية التي كانت في أوج تطورها وازدهارها وخاصة في المراكز الرئيسية لصناعة الزجاج السوري في مدن دمشق وحلب والرقة.
التنوع والإتقان في الصناعة
أما أمين متحف العصور الكلاسيكية، الآثاري علي حبيب، فقال لتشرين: إن الآراء تعددت حول من اكتشف الزجاج إلا أن الفينيقيين بحكم العلاقات الجغرافية مع مصر واليونان نقلوا الزجاج الملون المصنوع لديهم إلى الجوار ومن ثم ازدهرت صناعته بصورة خاصة في العهد الروماني وخصوصاً بعد اكتشاف طريقة نفخ الزجاج، فأصبح الإنتاج متنوعاً ومتقناً وأنتج الزجاج بكثرة وحافظت سورية على مركزها في العهد البيزنطي وتلاها الفترة الإسلامية.
ولفت حبيب إلى أن القسم الكلاسيكي يشارك بعدد من القطع الزجاجية تعود للفترة الهلنستية والرومانية وتنوعت القطع بين صحون وكؤوس ومطرات زجاجية وأساور ومكاحل.
تصوير: طارق الحسنية